﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾ (كيف) سؤال عن حال في موضع نصب بنكلم، وفيه وجهان:
أحدهما: استفهام بمعنى التعجب، أي: أَعجبوا من أمرها إيانا بتكليم الصبي في المهد؟
والثاني: بمعنى النفي، أي: لا نكلم من هو في المهد لا يفهم الخطاب، ولا يقدر على الجواب.
و﴿مَنْ﴾ موصولة منصوبة بنكلم، وقال أبو إسحاق: شرطية، وجوابها ﴿كَيْفَ﴾. والمعنى: من يكن في المهد صبيًا، فكيف [نكلمه]؟، كقولك: من كان لا يسمع ولا يعقل فكيف أخاطبه؟ (١) فتكون ﴿فِي﴾ في موضع رفعٍ بالابتداء، وما بعدها الخبر.
وفي ﴿كَانَ﴾ هنا أوجه:
أحدها: صلة (٢)، و ﴿صَبِيًّا﴾ فيه وجهان، أحدهما: بدل من ﴿مَنْ﴾. والثاني: حال، وفي ذي الحال وجهان: أحدهما: ﴿مَنْ﴾. والثاني: المنوي في الظرف وهو ﴿فِي الْمَهْدِ﴾.
والثاني: بمعنى صار، والمنوي فيها راجع إلى ﴿مَنْ﴾ وهو اسمها، ﴿فِي الْمَهْدِ﴾ خبرها، و ﴿صَبِيًّا﴾ خبر بعد خبر، أو حال من المستكن في المهد.
والثالث: بمعنى حدث ووقع، والمستتر فيها راجع إلى ﴿مَنْ﴾ وهو فاعلها، و ﴿فِي الْمَهْدِ﴾ متعلق بها عار عن الذكر، و ﴿صَبِيًّا﴾ إما حال، إما
(٢) هذا تعبير النحاة عن الكلمة إذا كانت زائدة، ويقولون عنها أيضًا: لغو، فاعرفه.