على: وجعلني بارًّا بوالدتي، أي: مطيعًا لها، عاطفًا عليها، وقرئ: (وَبِرًّا) بكسرها (١) عطفًا على موضع الجار والمجرور في قوله: ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ﴾ (٢)، أو نصبًا بفعل في معنى أوصاني وهو ألزمني، لأنه إذا أوصاه به فقد ألزمه إياه، وعليه بيت الكتاب:
٤٢١ - * يَذْهَبْنَ في نَجْدٍ وَغَوْرًا غَائِرا (٣) *
على: ويسلكن غورًا، أو عطفًا على ﴿مُبَارَكًا﴾ (٤) على: وجعلني ذا بِرٍّ، فحذف المضاف، أو جُعلت ذاتُه بِرًّا على المبالغة، لفرط بره، والبَرُّ بفتح الباء اسم الفاعل، والبِرُّ بالكسر المصدر، وهو خلاف العقوق، تقول: بَرِرْتُ والدي أَبَرُّهُ بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر بِرًّا، فأنا بَرٌّ به وَبَارٌّ أيضًا.
وقوله: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ﴾ اللام في السلام للعهد، كالتي في قوله: ﴿فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ (٥)، وذلك أن المراد بالسلام الثاني الأول، والأول نكرة وهو الذي في قصة يحيى - عليه السلام -، والمعنى: ذلك السلام الموجه إلى يحيى - عليه السلام - في المواضع الثلاثة موجه إليّ.
و﴿يَوْمَ وُلِدْتُ﴾: ظرف للظرف، ولا يجوز أن يكون ظرفًا للسلام، لأجل الفصل بالظرف الذي هو الخبر، والآخران عطف عليه، و ﴿حَيًّا﴾ منصوب على الحال من المنوي في ﴿أُبْعَثُ﴾.
(٢) من الآية التي قبلها.
(٣) نسب هذا الرجز إلى العجاج في كتاب سيبويه ١/ ٩٤. كما نسب إلى رؤبة في أساس البلاغة (فسق) وفيه (يهوين) بدل (يذهبن). وانظره بدون نسبة في الخصائص ٢/ ٤٣٢. والمحتسب ٢/ ٤٣. وشذور الذهب / ٣٣٢/ وفيه (يسلكن). والشاعر يصف ظعائن.
(٤) من الآية التي قبلها.
(٥) سورة المزمل، الآية: ١٦.