سلف من الكتاب بأشبع من هذا (١).
و﴿نَبِيًّا﴾: خبر بعد خبر، و ﴿نَجِيًّا﴾: حال إما من الفاعل أو المفعول، أي: مناجيًا، وهو من النجوى، وهي المسارَّةُ، وقيل: من النجوه، وهي الارتفاع (٢). و ﴿هَارُونَ﴾ بدل من ﴿أَخَاهُ﴾، أو عطف بيان له، والمانع له من الصرف المعجمة والتعريف. و ﴿نَبِيًّا﴾: حال من ﴿أَخَاهُ﴾.
﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥٤) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿صَادِقَ الْوَعْدِ﴾ هو على بابه، أي: صادقًا في وعده يصدق إذا وعد (٣). وعن أبي عبيدة: هو فاعل بمعنى مفعول، أي: مصدوق الوعد (٤)، والوجه هو الأول.
﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ﴾ (إدريس) اسم أعجمي، ولذلك لا ينصرف، وليس قول من قال: هو إفعيل من الدراسة، سمي بذلك لكثرة درسه الكتب (٥) بمستقيم، إذ لو كان كما زعم، لكان منصرفًا، لأنه لم يبق فيه إلا سبب واحد وهو التعريف، والسبب الواحد غير مانع من الصرف لا في نظم ولا في نثر عند جمهور النحاة، فامتناعه من الصرف دليل على

(١) انظر إعرابه للآية (٢٤) من سورة يوسف.
(٢) وفيه قول ثالث أنه من النجاة، نَجَّاه لصدقه. وانظر الأقوال الثلاثة في النكت والعيون ٣/ ٣٧٦.
(٣) قيل: وخص بصدق الوعد - والأنبياء كلهم كذلك - لأنه كما جاء في التفسير وعد رجلًا أن ينتظر حتى أتاه، قالوا: بقي ينتظر حولًا، أو اثنين وعشرين يومًا، أو ثلاثة أيام. انظر تفسير الماوردي ٣/ ٣٧٦.
(٤) لم أجد قول أبي عبيدة هذا على الرغم من كثرة المصادر التي بين يدي، والله أعلم.
(٥) انظر الصحاح (درس).


الصفحة التالية
Icon