وقوله: ﴿وَمِمَّنْ هَدَيْنَا﴾ يجوز أن يكون عطفًا على ﴿مِنَ النَّبِيِّينَ﴾، وأن يكون عطفًا على ﴿مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ﴾، أي: وممن هديناهم إلى ديننا.
وقوله: ﴿إِذَا تُتْلَى﴾ الجمهور على التاء فيه النقط من فوقه، لأجل تأنيث الآيات، وقرئ: (إذا يُتْلَى) بالياء النقط من تحتها (١)، لأن التأنيث غير حقيقي مع وجود الفاصل (٢).
وقوله: ﴿سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ كلاهما منصوب على الحال من الضمير في ﴿خَرُّوا﴾ أي: سقطوا على وجوههم ساجدين لله باكين متضرعين إليه، و ﴿سُجَّدًا﴾ جمع ساجد كَرُكَّع في جمع راكع، و ﴿وَبُكِيًّا﴾ جمع باك، كالسجود والقعود في جمع ساجد وقاعد، وأصله بكوْي، فاجتمعت فيه الواو والياء، وسبُقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء، فبقي بُكي كما ترى، وقد جوز أن يكون مصدرًا (٣) بمعنى البكاء، وعليه نصبه على تقدير: خروا ساجدين، وبكوا بكيًا، والوجه هو الأول وعليه الأكابر (٤).
﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ﴾ الخَلْفُ والخَلَفُ: ما جاء من بعدُ، يقال: خَلْفُ سَوْءٍ من أبيه بالتسكين، وخَلَفُ صدق من أبيه بالتحريك، إذا قام مقامه. قال الأخفش: هما سواء منهم من يحرك، ومنهم من يسكن فيهما جميعًا إذا أضاف، ومنهم من يقول: خَلَفُ صدق

(١) قرأها شبل بن عباد المكي كما في مختصر الشواذ / ٨٥/. والكشاف ٢/ ٤١٥. ونسبها ابن عطية ١١/ ٤٠ إلى نافع، وشيبة، وأبي جعفر. فتكون روايات شاذة لأنها لم تذكر مع العشرة.
(٢) في (أ) و (ب): الحائل.
(٣) ذكره النحاس في الإعراب ٢/ ٣٢٠. ومكي في المشكل ٢/ ٥٩ بلفظ: قيل.
(٤) خطّأ الزجاج ٣/ ٣٣٥ من نصبه على المصدر.


الصفحة التالية
Icon