(٦٠) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (٦١)}:
قوله عز وجل: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ﴾ (من) في موضع نصب على الاستثناء، وهو من الجنس، وقد جوز أن يكون من غير الجنس (١).
وقوله: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾ الجمهور على كسر التاء على البدل من الجنة لاشتمالها على جنات عدن وغيرها، كاشتمال الدار على الصُّفَّةِ والقاعةِ وغيرهما. وقيل: نصب على المدح.
وقرئ: (جَنَّاتُ عدنٍ) بالرفع (٢)، على إضمار هي جنات عدن. على قول: من جعلها نكرة على: جنات إقامة (٣)، أو على الابتداء (٤) على قول من جعلها معرفة لإضافتها إلى ﴿عَدْنٍ﴾ وهو علم لمعنى العَدْنِ، وهو الإقامة، كما جعلوا فَيْنَةَ، وَسَحَرَ، وَأمْسِ فيمن لم يصرفها أعلامًا لمعاني الفينة والسحر والأمس، ولولا ذلك لما ساغ الإبدال منها، لأن النكرة لا تبدل من المعرفة إلا موصوفة، بشهادة قوله جل ذكره: ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ﴾ (٥) وَلَمَا ساغ وصفها بـ ﴿الَّتِي﴾ على قراءة الجمهور، ونظير ذلك: ﴿دَارُ الْخُلْدِ﴾ (٦) و ﴿جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾ (٧). خبره (التي) (٨)، والباء في ﴿بِالْغَيْبِ﴾ للحال، أي: وَعَدَهم إياها وهم غائبون عنها لا يشاهدونها، أي: وعدها وهي غائبة عنهم غير حاضرة.

(١) جوزه الزجاج ٣/ ٣٣٦.
(٢) قرأها الحسن كما في مختصر الشواذ / ٨٥/. والمحرر الوجيز ١١/ ٤١ وأضافها ابن عطية أيضًا إلى عيسى بن عمر، وأبي حيوة. ونسبها ابن الجوزي ٥/ ٢٤٦ إلى العقيلي، والضحاك، وابن يعمر، وابن أبي عبلة.
(٣) هذا إعراب الزجاج ٣/ ٣٣٦. واقتصر عليه ابن عطية ١١/ ٤١. والعكبري ٢/ ٨٧٧.
(٤) هذا إعراب الزمخشري ٢/ ٤١٥.
(٥) سورة العلق، الآيتان: ١٥ - ١٦.
(٦) سورة فصلت، الآية: ٢٨.
(٧) سورة النجم، الآية: ١٥.
(٨) يعني خبر (جنات) على الوجه الثاني من قراءة الرفع.


الصفحة التالية
Icon