﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (٧٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا﴾. محل ﴿كَمْ﴾ النصب على أنها مفعول ﴿أَهْلَكْنَا﴾، والتقدير: وكم قرنًا أهلكنا من جملة القرون، فحذف المميز لدلالة الكلام عليه، ومعناها التكثير، وهي استفهام بمعنى التقدير، و ﴿مِنْ﴾ تبيين لإبهامها، أي: كثيرًا من القرون أهلكنا. ﴿هُمْ أَحْسَنُ﴾: ابتداء وخبر في موضع نصب على النعت لـ ﴿كَمْ﴾ بدليل أنك لو حذفت ﴿هُمْ﴾ لم يكن لك بد من نصب ﴿أَحْسَنُ﴾ على الصفة لها. و ﴿أَثَاثًا﴾ و ﴿وَرِئْيًا﴾ منصوبان على التمييز، أي: هم أحسن متاعًا ومنظرًا.
وفيه أوجه من القراءات: (رِئْيًا) بهمزة ساكنة بعد الراء (١)، وهو المنظر والهيئة. فِعْلٌ بمعنى مفعول من رأيت، وهو ما رأته العين من حال حسنة وكسوة ظاهرة، وأنشد أبو عبيدة:

٤٢٥ - أَشَاقَتْكَ الظَّعَائِنُ يَوْمَ بَانُوا بِذِي الرِّئْيِ الجَمِيلِ مِنَ الأثَاثِ (٢)
وليس المصدر، وإنما المصدر الرأي والرؤية.
و: (رِيًّا) بتشديد الياء من غير همز (٣)، وذلك يحتمل وجهين - إما أن
(١) هذه قراءة أكثر العشرة كما سيأتي.
(٢) البيت لمحمد بن عبد الله النميري الثقفي من مطلع قصيدة غزلية ذكرها صاحب الأغاني ٦/ ١٩٦ - ١٩٧. قالها في زينب أخت الحجاج بن يوسف، وكان يهواها. وهو من شواهد أبي عبيدة في المجاز ١/ ٣٦٥. والمبرد في الكامل ٢/ ٧٨٦. والزجاج في معانيه ٣/ ٣٤٢. وابن دريد في الجمهرة ١/ ٥٤ والاشتقاق / ٨٦/. وابن فارس في المقاييس ١/ ٨. والجوهري في الصحاح (رأى). والماوردي في النكت ٣/ ٣٨٦. ويروى: بذي (الزِّيِّ) بدل (الرئي) والروايتان في الكامل الموضع السابق لكن رجح المبرد التي بالزاي لأنها تناسب الأثاث. كما يروى: أهاجتك، بدل: أشاقتك.
(٣) قرأها أبو جعفر، وابن عامر، ونافع سوى ورش، والأعشى عن أبي بكر. انظرها مع قراءة الآخرين في السبعة ٤١١ - ٤١٢. والحجة ٥/ ٢٠٩. والمبسوط / ٢٩٠/. والتذكرة ٢/ ٤٢٦.


الصفحة التالية
Icon