قرن كفار كانوا في الدنيا أكثر نعمة وأوفى زينة، وأحسن منظرًا منهم، فلم ينفعهم ذلك عند الله، ولم يقربهم من رحمته، ولم يزحزحهم من عذابه، فليحذر هؤلاء أن يحل بهم ما حل بأولئك.
﴿قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (٧٥) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ﴾ (مَنْ) شرطية في موضع رفع بالابتداء، جوابها ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾، وخبرها ﴿كَانَ﴾ وما اتصل بها، أو الجواب، واللفظ لفظ الأمر ومعناه الخبر، أي: مَدّ له الرحمن، يعني: أمهله وأملى له في العمر، وإنما أُخرج على لفظ الأمر إيذانًا بوجوب ذلك، وأنه مفعول لا محالة، كالمأمور به الممتثل.
وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ﴾ (حتى) هنا هي التي يُحكَى بعدها الجمل، وقد وقعت بعدها الجملة الشرطية كما ترى، وهي قوله: ﴿إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ﴾، وليست متعلقة بفعل، أعني ﴿حَتَّى﴾.
وقوله: ﴿إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ﴾ انتصبا على البدل من ﴿مَا﴾ من قوله: ﴿مَا يُوعَدُونَ﴾.
وقوله: ﴿فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا﴾ (فسيعلمون) جواب ﴿إِذَا﴾، وفي ﴿مَنْ﴾ وجهان:
أحدهما: موصول منصوب المحل بقوله: ﴿فَسَيَعْلَمُونَ﴾ وصلته ﴿هُوَ شَرٌّ﴾.
والثاني: استفهام مرفوع الموضع على أنه مبتدأ خبره ﴿شَرٌّ﴾، و ﴿هُوَ﴾ فصل، أو الجملة وهي ﴿هُوَ شَرٌّ﴾، ومحل الجملة الكبرى النصب بقوله: ﴿فَسَيَعْلَمُونَ﴾.


الصفحة التالية
Icon