صار عزيزًا، أي: قوي بعد ذلة، أي: ليتعززوا بآلهتهم، وذلك أنهم يرجون منها الشفاعة والنصرة والمنع من عذاب الله.
﴿كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ﴾ الجمهور على ترك التنوين في ﴿كَلَّا﴾، على أنه حرف بمعنى الرَّدع والزجر، أو بمعنى حقًا (١)، وقرئ: (كَلًّا) بالتنوين مع فتح الكاف (٢)، وفيه ثلاثة أوجه - أحدها: مصدر كَلَّ، وهو منصوب بفعل مضمر، أي: كَلُّوا في دعواهم وانقطعوا كَلًّا. والثاني: هو بمعنى الثقل كقوله جل ذكره ﴿وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ﴾ (٣) منصوب بفعل مضمر أيضًا غير أنه مفعول به، أي: حملوا كلا: والثالث: هو كلّا الذي بمعنى الردع، غير أن الواقف عليه قلب ألفه نونًا، كما فعل في (سلاسلًا) و (قواريرًا) (٤).
وقرئ: (كُلًّا) بالتنوين مع ضم الكاف (٥)، وهو منصوب بفعل مضمر، أي: سيجحدون كُلًّا سيكفرون بعبادتهم، كما تقول: زيدًا مررت بغلامه، ولا يجوز أن يكون حالًا بمعنى سيكفرون جميعًا، كما زعم بعضهم (٦)، لأنه معرفة.

(١) اقتصر سيبويه ٤/ ٢٣٥ على المعنى الأول، وهو مذهب الخليل، والأخفش، والمبرد، والزجاج، وجمهور البصريين. وقال بالثاني: الكسائي، وأبو بكر بن الأنباري وغيرهما. انظر الدر المصون ٧/ ٦٣٧. ومغني اللبيب ٢٤٩ - ٢٥٠.
(٢) بهذا الضبط نسبت إلى أبي نهيك كما في المحتسب ٢/ ٤٥. وحكاها عنه الزمخشري ٢/ ٤٢٢. وابن عطية ١١/ ٥٥.
(٣) سورة النحل، الآية: ٧٦.
(٤) الآية (٤) و (١٥ - ١٦) من سورة الدهر. وقراءتهما بالتنوين من المتواتر كما سوف تُخَرَّج في موضعها إن شاء الله.
(٥) بهذا الضبط هي أيضًا لأبي نهيك في مختصر الشواذ / ٨٦/. والكشاف، والمحرر الوجيز في الموضعين السابقين.
(٦) هو العكبري ٢/ ٨٨١ لكنه قال: فيه بُعد.


الصفحة التالية
Icon