﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾ الإحصاء: الحصر والضبط، و ﴿عَدًّا﴾: مصدر مؤكد، يعني: حصرهم بعلمه، وأحاط بهم، وعدهم عدًا، فلذلك أكده بالمصدر.
وقيل: إنما أكده، لأن المراد: عَلِمَ عددهم وأنفاسهم وحركاتهم (١).
﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ ابتداء وخبر، وأفرد الخبر حملًا على لفظ المُخْبَرِ عنه، وهو (كل)، وجمعه جائز حملًا على معناه، وقد ورد بهما القرآن العزيز، فقال جل ذكره: ﴿وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾ (٢) فجمع كما ترى. و ﴿فَرْدًا﴾ نصب على الحال من المستكن في الخبر وهو ﴿آتِيهِ﴾.
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (٩٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ﴾ الباء يجوز أن تكون من صلة ﴿يَسَّرْنَاهُ﴾، وأن تكون في موضع الحال من الهاء في ﴿يَسَّرْنَاهُ﴾ على معنى: أنزلناه بلغتك، وهو اللسان العربي المبين، ليسهل عليك الإبلاغ، والباء على الوجه الأول: بمعنى (على)، وعلى الثاني: على بابها (٣).
وقوله: ﴿وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ اللُّدُّ: جمع ألد، كصُمٍّ في جمع أصم. والألد: الشديد الخصومة بالباطل، الآخذ في كل لديد، أي: في كل شق

(١) انظر معالم التنزيل ٣/ ٢١٠. وروح المعاني ١٦/ ١٤٢.
(٢) سورة النمل، الآية: ٨٧.
(٣) انظر القولين في التبيان ٢/ ٨٨٣.


الصفحة التالية
Icon