وقوله: ﴿لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: من إضافة الصفة إلى مفعولها، والأصل: لسميعٌ الدعاءَ، وفعيل من أبنية المبالغة، وهو يعمل عمل الفعل.
والثاني: من إضافة فعيل إلى فاعله، ويجعل دعاء الله سميعًا على الإسناد المجازي، والمراد: سماع الله جل ذكره (١).
وقوله: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ أي: واجعل بعضًا من ذريتي مقيم الصلاة، فحُذف الفعل ومفعولاه لدلالة ما تقدم، قيل: وإنما بَعَّضَ لأنه عَلِمَ بإعلام الله أَنه يكون في ذريته كفار، وذلك قوله: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ (٢).
﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (٤١) وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (٤٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ قيل: بشرط الإيمان، وكانا حيَّيْن فطمع في إيمانهما (٣). وقيل: أراد بوالديه آدم - عليه السلام - وحواء (٤).
وقرئ: (ولوالدِيْ) على التوحيد (٥)، يعني: أباه وحده
وقرئ: (وَلِوَلَدَيَّ) (٦)، والمراد بهما إسماعيل وإسحاق - عليهما السلام -
وقرئ: (وَلِوُلْدي) بضم الواو وسكون اللام (٧)، وفيه وجهان:

(١) انظر الوجهين في الكشاف ٢/ ٣٠٦.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٢٤. والقول لصاحب الكشاف في الموضع السابق.
(٣) قاله الماوردي ٣/ ١٣٩. وحكاه ابن الجوزي ٤/ ٣٦٩ عن ابن الأنباري.
(٤) ذكره الزجاج ٣/ ١٦٥. والنحاس ٣/ ٥٣٧. والماوردي ٣/ ١٣٩. والزمخشري ٢/ ٣٠٦.
(٥) قرأها سعيد بن جبير. أنظر معاني النحاس ٣/ ٥٣٧. ومختصر الشواذ / ٦٩/. والمحتسب ١/ ٣٦٥.
(٦) قرأها النخعي، والزهري، وابن مسعود، وأبي - رضي الله عنهم -. انظر المحرر الوجيز ١٠/ ٩٥. وزاد المسير ٤/ ٣٦٩.
(٧) قرأها يحيى بن يعمر كما في المحتسب، والمحرر في الموضعين السابقين. ونسبت في زاد المسير إلى الجحدري.


الصفحة التالية
Icon