وهو ﴿لِتَشْقَى﴾، ولا يكون لفعل واحد مفعولان له. فإن قلت: مَن المُذَكِّرُ؟ قلت: أما على الوجه الأول: فيجوز أن يكون المُنْزِلُ جل ذكره والمُنْزَلُ عليه عليه الصلاة والسلام. وأما على الوجه الثاني: فيكون هو المُنْزِل ليس إلا، لأن من شرط المفعول له أن يكون فعلًا لفاعل الفعل المعلل، وأجاز بعض النحاة (١) أن يكون بدلًا من قوله: ﴿لِتَشْقَى﴾، وأبى ذلك الشيخ أبو علي لاختلاف الجنسين (٢).
والثالث: على المصدر، أي: أنزلناه لتذكر به تذكرة.
والرابع: على البدل من القرآن، لأنه هو.
وقيل: هو مصدر في موضع الحال (٣).
وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير: ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة لمن يخشى ولئلا تشقى (٤)، فاعرفه.
و﴿لِمَنْ يَخْشَى﴾: من صلة ﴿تَذْكِرَةً﴾.
﴿تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿تَنْزِيلًا﴾ يجوز أن يكون منصوبًا على المصدر، وهو مصدر مؤكد، أي: نزلناه تنزيلًا. وأن يكون بدلًا من قوله: ﴿تَذْكِرَةً﴾ على الأوجه المذكورة ما عدا المفعول له؛ لأن الشيء لا يُعَلَّلُ بنفسه. وأن يكون

= أن يكون (تذكرة) مفعولًا له لـ (أنزلنا) المذكور لهذا السبب الذي حكاه المؤلف دون أن يجوز هذا الوجه.
(١) هو الزجاج كما في إعراب النحاس الموضع السابق، وتبعه ابن عطية كما في المحرر الوجيز ١١/ ٦٣. وانظر جامع البيان ١٦/ ١٣٨.
(٢) كذا قال الزمخشري ٢/ ٤٢٧ دون أن ينسبه لأبي علي الفارسي. ومعناه كما نقله السمين الحلبي ٨/ ٩ عن الفارسي: بأن التذكرة ليست بشقاء.
(٣) كذا في التبيان ٢/ ٨٨٤ أيضًا.
(٤) انظر هذا الوجه في جامع البيان ١٦/ ١٣٨.


الصفحة التالية
Icon