وقوله: ﴿لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ﴾ (منها) يجوز أن يكون من صلة ﴿آتِيكُمْ﴾، وأن يكون في موضع الحال من (قبس) وهو في الأصل صفة له. و (القبس): الشعلة من النار في طرف عود أو فتيلة (١).
وقوله: ﴿أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى﴾ أي: قومًا ذوي هدى، يهدونني إلى الطريق، لأن النار لا تخلو من أَهْلٍ لها، وناسٍ عندها.
قيل: ومعنى الاستعلاء على النار: أن أهل النار يستعلون المكان القريب منها، كما قال سيبويه في مررت يزيد: إنه لصوق بمكان يقرب من زيد، ولأن المصطلين بها والمستمتعين إذا تكنفوها قيامًا وقعودًا كانوا مشرفين عليها (٢).
﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿نُودِيَ﴾ في القائم مقام الفاعل وجهان:
أحدهما: مضمر وهو موسى - عليه السلام - لِجَرْيِ ذِكْرِهِ.
والثاني: هو المصدر، أي: نودي النداء، وقوله: ﴿يَامُوسَى﴾ كالمفسر له، ولا يجوز أن يكون قوله: ﴿يَامُوسَى﴾ هو القائم مقام الفاعل أو ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ﴾، لأنه جملة، والقائم مقام الفاعل كالفاعل، والفاعل لا يكون جملة.
وقوله: ﴿إِنِّي﴾ قرئ: بالكسر على إرادة القول، أي: نودي فقيل: يا موسى، أو لأنَّ النداء نوع من القول فجرى مجراه. وقرئ: بالفتح (٣)، على
(٢) انظر هذا القول مع قول سيبويه في الكشاف ٢/ ٤٢٨.
(٣) قرأها أبو جعفر، وابن كثير، وأبو عمرو. وقرأ الباقون بالكسر. انظر السبعة / ٤١٧/. والحجة ٥/ ٢١٨. والمبسوط / ٢٩٣/. والتذكرة ٢/ ٤٢٩.