وقرئ: (أَهُسُّ) بضم الهاء وبالسين مهملة (١)، على معنى: أسوق بها على غنمي. يقال: رجل هَسَّاسٌ، أي: سَوَّاقٌ، قاله أبو الفتح، ثم قال: فإن قلت: فكيف قال: (أهس بها على غنمي)؟ وهلا قال: أهس بها غنمي، كقولك: أسوق بها غنمي. قيل: لما دخل السَّوقُ معنى الانتحاء والميل استعمل معها (على) حملًا على المعنى، انتهى كلامه (٢).
وقوله: ﴿وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى﴾ المآرب: جمع مأربة بالحركات الثلاث في الراء، وهي الحاجة، ووحد ﴿أُخْرَى﴾ على تأنيث الجماعة، لأن مآرب في معنى جماعة، وقد ذكر عند قوله: ﴿لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ (٣) والمعنى: ولي فيها حاجات أخر سوى التوكؤ والهش.
وقوله: ﴿فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾ (إذا) للمفاجأة مكانية، و ﴿هِيَ﴾ مبتدأ، و ﴿حَيَّةٌ﴾ خبره، و ﴿تَسْعَى﴾ صفة لحية، أو خبر بعد خبر، لا حال كما زعم بعضهم (٤). والسعي: الإسراع في المشي.
﴿قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (٢١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى﴾ والسِّيرة من السير، كالرِّكْبة من الركوب، يقال: سار فلان سيرة حسنة، ثم اتسع فيها فنقل إلى معنى المذهب والطريقة. وقيل: سِيَرُ الأولين (٥). فإذا فهم هذا فقوله عز وجل: ﴿سِيرَتَهَا﴾، في إعرابها أوجه:
أحدها: بدل من الضمير في ﴿سَنُعِيدُهَا﴾، وهو بدل الاشتمال.
(٢) المحتسب ٢/ ٥١.
(٣) انظر إعرابه للآية (٨) من هذه السورة.
(٤) هو أبو البقاء ٢/ ٨٨٨. واقتصر السمين ٨/ ٢٦ على الوجهين الأولين.
(٥) كذا في الكشاف ٢/ ٤٣١.