سابقًا، والمعنى: ولتربى وتغذى بمرأى مني لا أَكِلُكَ إلى غيري.
والصنع: تربية الشيء وحسن القيام عليه، يقال: صنع فلان ولده، إذا رباه. وصنع فرسه، إذا دام على علفه والقيام عليه.
وقرئ: (ولْتُصْنَعْ) بكسر اللام وسكونها والجزم (١)، على أنه أمر للغائب لا للمخاطب، كقولك: لِتُعْنَ بحاجتي ولْتُوضعْ في تجارتك، لأن العاني بها والواضع فيها غيرهما وهما المخاطبان، فكذلك هنا ظاهر الأمر للمخاطب والمراد به الغائب، والأصل: وليصنعك غيرك ثم ولتصنع.
وقرئ: (وَلِتَصْنَعَ) بكسر اللام وفتح التاء والعين (٢)، على معنى: وليكون عملك وتصرفك بمرأى مني.
﴿إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى (٤٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِذْ تَمْشِي﴾ (إذ) معمول أحد الفعلين وهما (ألقيت) و (لتصنع). وقد جوز أن يكون بدلًا من ﴿إِذْ أَوْحَيْنَا﴾ (٣)، لأَنَّ مشي أخته كان مِنَّةً عليه (٤).
قيل: فإن قلت: كيف يصح البدل والوقتان مختلفان متباعدان؟ فالجواب: كما يصح وإن اتسع الوقت وتباعد طرفاه أن يقول لك الرجل:

(١) قرأ أبو جعفر وحده من العشرة: (ولْتصنعْ) بسكون اللام وجزم العين. انظر المبسوط / ٢٩٤/. والنشر ٢/ ٣٢٠. وأما كسر اللام مع الجزم: فحكاها الزمخشري ٢/ ٤٣٣. وقال أبو حيان ٦/ ٢٤٢. والسمين ٨/ ٣٧: هي رواية عن أبي جعفر أيضًا.
(٢) قرأها أبو نهيك. انظر جامع البيان ١٥/ ١٦٢. والمحتسب ٢/ ٥١. والمحرر الوجيز ١١/ ٧٥.
(٣) جوزه الزمخشري ٢/ ٤٣٤.
(٤) كذا في التبيان ٢/ ٨٩١ أيضًا.


الصفحة التالية
Icon