بالخطاب ثانيًا موسى، لأنه الأصل في النبوة، وهارون وزيره وتابعه، يعضده قوله: ﴿قَالَ رَبُّنَا﴾.
وقوله: ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ الجمهور على إسكان لام (خَلْقه) وهو أول مفعولي ﴿أَعْطَى﴾ على معنى: أعطى خليقته كل شيء يحتاجون إليه، والخلق هنا بمعنى: الخليقة، يقال: هم خليقة الله، وهم خَلْقُ الله أيضًا، وهو في الأصل مصدر، أعني الخلق، وهو بمعنى مخلوق، تسمية للمفعول بالمصدر. أو ثانيهما على معنى: أعطى كل شيء من المخلوقات صورته وشكله، فخلق كل جنس من المخلوقات على صورة وهيئة، فلم يجعل خلق الإنسان كخلق البهائم، ولا خلق البهائم كخلق الإنسان على ما فسر (١).
وقرئ: (خَلَقه) بفتحها (٢)، على أنه فعل في موضع الصفة، إما للمضاف أو للمضاف إليه. وأحد مفعولي ﴿أَعْطَى﴾ على هذه القراءة محذوف وهو الثاني، على معنى: أعطى كل شيء خلقه ما يصلحه، أو الأول على معنى: أعطاكم كل شيء خلقه من الأشياء التي خلقها جل ذكره لتنتفعوا بها ﴿ثُمَّ هَدَى﴾، أي: عرف كيف يرتفق بما أعطى وكيف يتوصل إليه.
﴿قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (٥١) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (٥٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ﴾ (علمها) رفع بالابتداء
(٢) نسبت إلى الأعمش، وأبي نهيك، ونصير عن الكسائي، وابن السميفع، وعمر بن الخطاب وابن عباس - رضي الله عنهم -. انظر إعراب النحاس ٢/ ٣٣٩. والمبسوط / ٢٩٥/. ومختصر الشواذ / ٨٧/. وزاد المسير ٥/ ٢٩١. والقرطبي ١١/ ٢٠٥.