وإن جعلت ﴿مَكَانًا﴾ مفعولًا ثانيًا لقوله: ﴿فَاجْعَلْ﴾ كان ﴿مَوْعِدًا﴾ مكانًا، ولا يجوز انتصابه بالموعد على أنه مفعول، لأنه مصدر قد وصف بقوله: ﴿لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ﴾ والأسماء التي تعمل عمل الفعل إذا وصفت أو صغرت لم تعمل عمل الفعل، لخروجها بهما عن شبه الفعل، هذا مذهب صاحب الكتاب - رحمه الله - وموافقيه (١)، وهذا على قراءة من رفعه وهو الجمهور، وأما من قرأ: (لا نُخْلِفْهُ) بالجزم (٢)، فعلى جواب الأمر، وهو قوله: ﴿فَاجْعَلْ﴾.
و﴿سُوًى﴾: صفة للمكان، وقرئ: بكسر السين وضمها (٣)، وهو أكثر في الصفات، أعني الضم، نحو قولك: مَالٌ لُبَدٌ، ورجل حُطَمٌ، وأما فِعَلٌ: فيقل في الصفات ومثله: قومٌ عِدىً.
والجمهور على تنوينه وهو الوجه، لأنه وَصْفٌ على فِعَلٍ أو فُعَلٍ وكلاهما مصروف، وقرئ: (سُوى) بترك التنوين (٤) على إجراء الوصل مجرى الوقف، لا أعرف له وجهًا سواه.
﴿قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ﴾ الجمهور على رفع قوله: ﴿يَوْمُ الزِّينَةِ﴾ فـ ﴿مَوْعِدُكُمْ﴾ مبتدأ، و ﴿يَوْمُ الزِّينَةِ﴾ خبره، وهو على هذه القراءة،

(١) حكاه الفارسي ٥/ ٢٢٥ عن سيبويه. وانظر مشكل مكي ٢/ ٦٨ - ٦٩. والمحرر الوجيز ١١/ ٨٢.
(٢) هي قراءة أبى جعفر وحده من العشرة. انظر المبسوط / ٢٩٥/. والنشر ٢/ ٣٢٠. والإتحاف ٢/ ٢٤٧.
(٣) أما كسر السين (سِوى) فهي لأبي جعفر، ونافع، وابن كثير، وأبي عمرو، والكسائي. وأما ضمها: (سُوى) فهي للخمسة الباقين. انظر السبعة / ٤١٨/. والحجة ٥/ ٢٢٣ - ٢٢٤. والمبسوط / ٢٩٥/.
(٤) قرأها الحسن، وعيسى: انظر مختصر الشواذ / ٨٨/. والمحتسب ٢/ ٥٢. والبحر ٦/ ٢٥٣.


الصفحة التالية
Icon