خُيِّلَ إليه على البناء للمفعول، إذا شبه له، وأدخل عليه التهمة.
﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (٦٧) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (٦٨) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (٦٩)﴾:
قوله عز وجل: (تَلَقَّفْ) قرئ: بتشديد القاف وجزم الفاء، وبتشديد القاف ورفع الفاء، وبالتخفيف والجزم (١). فمن قرأ بالتشديد والجزم، فالأصل: (تَتَلَقَّفْ)، فحذف إحدى التائين تخفيفًا، والجزم على الجواب، ومن قرأ بالتشديد والرفع فأصله: (تَتَلَقَّفُ)، والرفع على الاستئناف، أو على الحال إما من المنوي في ﴿وَأَلْقِ﴾ والتاء في (تَلَقَّفُ) للخطاب، أو من (ما) والتاء في (تَلَقَّفُ) للتأنيث، لأن (ما) مؤنثة هنا، لأنها كناية عن العصا، أي: ألق ما في يمينك متلقفًا، أو متلقفة ما صنعوا.
فإن قلتَ: التلقف في الحقيقة للعصا، فكيف تنسب إلى موسى - عليه السلام -؟ قلت: قيل: لَمَّا كان التلقف بإلقائه وجَدِّه جاز أن ينسب إليه، كقوله: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ (٢)، فأسند الرمي إلى نفسه جل ذكره وإن كان لرسول الله - ﷺ -، إذ كان بقوته وقدرته. والحال هنا مقدرة، كالتي في قولك: مررت برجل معه صَقْرٌ صائدًا به غدًا، لأنّ تَلَقُّفَ الحبال والعصي إنما يكون بعد الإلقاء.
ومن قرأ بالتخفيف جعله لَقِفَ الشيءَ يَلْقَفُ لَقِفًا، إذا تَلَقَّفَهُ. وهما يرجعان إلى معنى.
(٢) سورة الأنفال، الآية: ١٧. وانظر هذا الشاهد مع التعليل الذي قبله في مشكل مكي ٢/ ٧٢ أيضًا.