معناه النزول، أي: فينزل عليكم عقوبتي. والكسر من الحلال الذي معناه الوجوب، أي: فيجب عليكم عقوبتي، من حلَّ الشيءُ يحل حلالًا، إذا انْحَلَّ عنه عَقْدُ التحريم، وزال الخطر عنه، فإذا ارتفع الخطر وقع، فلهذا فسر بيجب، ومنه حَلَّ الدَّيْنُ يَحِلُّ حُلُولًا [إذا] وجب أداؤه، لانحلال عقد المنع عنه وهو الأجل، فاعرفه فإنه موضع لطيف، ومعنىً دقيق.
ومثله ﴿وَمَنْ يَحْلِلْ﴾ قرئ: بضم اللام وكسرها (١) على المعنيين المذكورين.
﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى (٨٣) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (٨٤) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ﴾ (ما) استفهام، ومعناه الإنكار، ومحله الرفع بالابتداء، والخبر ﴿أَعْجَلَكَ﴾، وفيه ضمير مرتفع به، وهو عائد إلى (ما). و ﴿عَنْ قَوْمِكَ﴾: في موضع الحال من الكاف، أي: أي شيء حملك على العجلة خارجًا عن قومك حين خلفتهم وسبقتهم في المجيء.
وقوله: ﴿هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي﴾ (هم) مبتدأ، وخبره ﴿أُولَاءِ﴾. و ﴿عَلَى أَثَرِي﴾ خبر بعد خبر. ويجوز أن يكون ﴿أُولَاءِ﴾ بمعنى الذين في موضع الخبر، و ﴿عَلَى أَثَرِي﴾ صلته، وقد مضى الكلام على نحو هذا في البقرة عند قوله: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ بأشبع من هذا (٢).
والجمهور على فتح الهمزة والثاء في قوله: ﴿عَلَى أَثَرِي﴾ وقرئ: (على إثري) بكسر الهمزة وإسكان الثاء (٣)، وهما لغتان بمعنى، غير أن الأثر أفصح
(٢) انظر إعرابه للآية (٨٥) منها.
(٣) قرأها يعقوب في رواية رويس وحده. انظر التذكرة ٢/ ٤٣٤. والنشر ٢/ ٣٢١. كما قرأها عيسى، وعبد الوارث عن أبي عمرو. انظر إعراب النحاس ٢/ ٣٥٥. ومختصر الشواذ / ٨٨/. والكشاف ٢/ ٤٤٣. والرازي ٢٢/ ٨٦. ونسبها ابن الجوزي ٥/ ٣١٣ إلى أبي =