﴿قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ يقال: بَصُرَ فلان بالشيء يَبْصُرُ به، بالضم فيهما بَصَارَةً، إذا صار عليمًا به، وبَصِرَ به أيضًا يَبْصَرُ بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر، لغية في معناه، وكلاهما يتعدى بالباء، والمعنى: علمت ما لم تعلموه، وفطنت لما لم تفطنوا له، وَأَبْصرَ يُبْصِرُ إِبْصَارًا، إذا نظر.
وقرئ: (بما لم يَبْصُرُوا) بالياء النقط من تحته على الغيبة، على معنى: بما لم يبصر به بنو إسرائيل، وبالتاء النقط (من فوقها) (١) على الخطاب لموسى - عليه السلام - ومن معه.
وقوله: ﴿فَقَبَضْتُ قَبْضَةً﴾ قراءة الجمهور بالضاد فيهما معجمة وفتح القاف، وهو القبض بجميع اليد. وقرئ: بالصاد فيهما وفتح القاف أيضًا (٢)، وهو القبض بأطراف الأصابع، وأما القبضة أو القَبْصةُ: فيجوز أن يكون مصدرًا، وهي المرة من القبض أو القبص، وأن يكون بمعنى المقبوض تسمية للمفعول بالمصدر كخلق الله، وضرب الأمير، فيكون مفعولًا به.
وقرئ: (قُبْصةً) بضم القاف (٣)، وهي اسم المقبوض، كالغُرْفة والحُسْوة، والقُبْضَةُ مثلها، وهي قراءة الحسن (٤).

(١) قرأ حمزة، والكسائي، وخلف بالتاء. وقرأ الباقون بالياء. انظر السبعة / ٤٢٤/. والحجة ٥/ ٢٤٩. والمبسوط / ٢٩٧/.
(٢) أي (قبصت قبصة)، وهي قراءة الحسن وجماعة. انظر معاني الفراء ٢/ ١٩٠. وجامع البيان ١٦/ ٢٠٦. وإعراب النحاس ٢/ ٣٥٧. ومختصر الشواذ / ٨٩/. والكشاف ٢/ ٤٤٥. وزاد المسير ٥/ ٣١٨.
(٣) وبالصاد المهملة، وهي قراءة الحسن بخلاف. انظر المحتسب ٢/ ٥٥. ومختصر الشواذ الموضع السابق.
(٤) انظر الكشاف الموضع السابق. والمحرر الوجيز ١١/ ١٠١. وبهذا يكون ثلاث روايات =


الصفحة التالية
Icon