فقيل: حلفتم أنكم باقون في الدنيا لا تُزالون بالموت والفناء عما أنتم عليه من طيب العيش والنعمة (١).
وقيل: لا تبعثون ولا تنتقلون إلى دار الآخرة، لقوله: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾ (٢)
وقيل: تم الكلام عند قوله: ﴿أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾، على معنى: أو لم تكونوا أقسمتم من قبل أن لا قيامة ولا بعث، ثم استأنف فقال: ما لكم من زوال، أي: لا تُزالون عن هذه الحالة، ولا تُردّون إلى الدنيا بحال (٣).
وقوله: ﴿وَتَبَيَّنَ لَكُمْ﴾ فاعل (تبين) مضمر دل عليه الكلام، أي: وظهر لكم فعلنا بهم حين كفروا وكذبوا الرسل، أو حالهم، ولا يجوز أن يكون فاعله ﴿كَيْفَ﴾ لوجهين - أحدهما: أن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله. والثاني: أن ﴿كَيْفَ﴾ لا يخبر عنه، وإنما يكون خبرًا أو ظرفًا، على اختلاف النحاة في ذلك، وهي هنا منصوبة بقوله: ﴿فَعَلْنَا﴾ ليس إلا (٤).
﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (٤٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: أن المصدر الذي هو ﴿مَكْرُهُمْ﴾ مضاف إلى الفاعل، كقوله: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ﴾ على معنى: وعند الله جزاء مكرهم، أو ثابت عند الله مكرهم، فهو يجازيهم عليه بمكرٍ هو أعظم منه.
(٢) سورة النحل، الآية: ٣٨. وهذا القول لمجاهد كما في جامع البيان ١٣/ ٢٤٢. والنكت والعيون ٣/ ١٤٢.
(٣) هذا معنى قول الحسن كما في النكت والعيون الموضع السابق. وفي (ب) و (ط): لا تزولون عن هذه الحالة.
(٤) كذا أيضًا في البيان ٢/ ٦١. والتبيان ٢/ ٧٧٣.