وعلى كسر السين في قوله: (لَنَنْسِفَنَّهُ)، وقرئ: بضمها (١)، وهما لغتان بمعنى، والنسف: تذرية الحب في الريح.
﴿إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (٩٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ الجمهور على كسر السين مخففًا، وهو فعل يتعدى إلى مفعول واحد، وهو ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾، و ﴿عِلْمًا﴾ منصوب على التمييز، وهو في المعنى فاعل، أي: وسع علمه كل شيء، فلما نقل الفعل عنه انتصب عفى التمييز، والمعنى: لم يقصر علمه عن شيء. قيل: وهو من قولهم: وسع الإناء الماء، إذا أحاط به ولم يقصر عنه.
وقرئ: (وَسَّعَ) بفتح السين مشددًا (٢)، وفيه وجهان:
أحدهما: معدى إلى مفعولين، وهما: ﴿كُلَّ﴾ و ﴿عِلْمًا﴾، وذلك أنَّ هذا الفعل يتعدى إلى مفعول واحد كما ذكر آنفًا، فلما ضوعفت عينه تعدى إلى مفعولين على معنى: أعطى كل شيء علمًا، ففيه منوي يعود إلى الله جل ذكره.
والثاني: وهو قول أبي الفتح: أن يكون بمعنى خرق كل مُصْمَتٍ بعلمه، لأنه بَطْنُ كلِّ مخفي ومستبهم، فصار لعلمه فضاء مُتَّسِعًا، بعدما كان متلاقيًا مجتمِعًا، كقوله: ﴿أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾ (٣) فهذا في العمل، وذلك في العلم، انتهى كلامه (٤). فيكون انتصاب قوله: ﴿عِلْمًا﴾ على التمييز أيضًا.

(١) نسبها ابن خالويه / ٨٩/ إلى عيسى. ونسبها القرطبي ١١/ ٢٤٣ إلى أبي رجاء.
(٢) هي قراءة قتادة، ومجاهد. انظر إعراب النحاس ٢/ ٣٥٩. ومختصر الشواذ / ٨٩/. والمحتسب ٢/ ٥٨. والمحرر الوجيز ١١/ ١٠٤.
(٣) سورة الأنبياء، الآية: ٣٠.
(٤) المحتسب ٢/ ٥٩.


الصفحة التالية
Icon