المذكور، كقوله: ﴿مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ (١). و ﴿صَفْصَفًا﴾ نعته، والصفصف: المستوي، كأنه على صف واحد.
والثاني: للأرض، وإن لم يجر لها ذكر للعلم بها. أو على أنه مفعول ثان على تضمين (يذر) معنى يجعل، ولأن الجبال تدل عليها.
وقوله: ﴿لَا تَرَى﴾ يجوز أن يكون صفة بعد صفة للقاع، وأن يكون حالًا أيضًا، أي: غير راءٍ أنت فيها عوجًا ولا أمتًا، وأن يكون مستأنفًا، أي: لا ترى فيها اعوجاجًا ولا ارتفاعًا ولا انخفاضًا.
﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (١٠٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ﴾ (يومئذٍ) معمول ﴿يَتَّبِعُونَ﴾ والتنوين عوض من الجملة السابقة، أي: يوم إذ نسفت. وقد جوز أن يكون بدلًا بعد بدل من يوم القيامة (٢). وموضع ﴿لَا عِوَجَ لَهُ﴾ النصب على الحال، أي: يتبعونه غير منحرفين عنه، والمعنى: لا يعوج له مدعو بل يستوون إليه من غير انحراف متبعين لصوته، والضمير في ﴿لَهُ﴾ للداعي. وقيل: المعنى يتبعونه سراعًا لا يتمكثون دونه، ولا يزيغون عنه.
وقوله: ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ﴾ أي: سكنت لهيبته ﴿فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ أي: إلا صوتًا خفيًا، والهمس: الصوت الخفي، ومنه الحروف المهموسة. وقيل: هو من هميس الإبل، وهو صوت أخفافها إذا مشت، أي: لا تسمع إلا صوت الأقدام في نقلها إلى المحشر (٣).

(١) سورة فاطر، الآية: ٤٥.
(٢) جوزه الزمخشري ٢/ ٤٤٧.
(٣) انظر القولين في النكت والعيون ٣/ ٤٢٧ حيث خرج الأول عن مجاهد، والثاني عن ابن زيد. وانظر الكشاف ٢/ ٤٤٧.


الصفحة التالية
Icon