وقوله: ﴿لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ﴾ يجوز أن يكون صفة لجسد إن جعلته مفعولًا ثانيًا، وأن يكون حالًا، إن جعلته حالًا على معنى: وما جعلنا الرسل قبله ذوي جسد غير طاعمين.
﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٠) وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (١١) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (١٢) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (١٣) قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (١٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾ في محل النصب على النعت لكتاب، و ﴿ذِكْرُكُمْ﴾ يجوز أن يكون المصدر مضافًا إلى المفعول والفاعل محذوف، أي: ذِكْرنا إياكم، وأن يكون مضافًا إلى الفاعل والمفعول محذوف، أي: ذِكْركم ما تريدون وما تكرهون.
وقوله: ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا﴾ (كم) خبرية في موضع نصب بقوله: ﴿قَصَمْنَا﴾، والقصم: كسر الشيء الصلب قهرًا. و ﴿كَانَتْ ظَالِمَةً﴾: في موضع النعت لقرية، وجاز وصفها بالظلم، لأن المراد أهلها.
وقوله: ﴿فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ﴾ جواب (لما) ما دل عليه ﴿إِذَا هُمْ﴾ أي: فلما أحسوا بأسنا أخذوا وشرعوا يهربون من قريتهم، و ﴿إِذَا﴾ هنا مكانية، وعاملها ﴿يَرْكُضُونَ﴾، والإحساس: إدراك الشيء بالحاسة، والركض: ضرب الدابة بالرِّجْلِ (١).
﴿فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (١٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ﴾ الإشارة إلى الكلمة أو المقالة، أي: فما زالت كلمة الويل دعواهم، أي: دعاؤهم. و ﴿تِلْكَ﴾ اسم زالت، و ﴿دَعْوَاهُمْ﴾ خبرها، أو بالعكس.