حقها أن تدخل على الجزاء والتقدير: أَفَهُمُ الخالدون إنْ مِتَّ؛ لأن الغرض التنبيه أو التوبيخ على هذا الفعل المشروط، لكنها دخلت على الشرط، لأن الاستفهام له صدر الكلام؟ والقول قول صاحب الكتاب، لأن الهمزة لها صدر الكلام، وإنْ لها صدر الكلام، فقد وقعا في موضعهما، والشيء إذا وقع في رتبته لم ينو به التأخير من غير اضطرار، وأيضًا فإن المعنى [لم] (١) يتم بدخول الهمزة على جملة الشرط والجواب، لأنهما كالشيء الواحد. والفاء في (فإنْ) لعطف جملة على جملة، وفي ﴿فَهُمُ﴾ للجزاء.
﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (٣٥) وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (٣٦)﴾:
قول عز وجل: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ (الفتنة): الامتحان والاختبار، وهو مصدر قولك: فتنت فلانًا، إذا اختبرته أو امتحنته، وانتصابه على المصدر، وهو مصدر مؤكد لـ (نبلوكم) من غير لفظه حملًا على المعنى، لأن الابتلاء والفتنة بمعنى، كأنه قيل: ونبلوكم بهما بلوى، أو نفتنكم بهما فتنة، أو على أنه مفعول له، وقد جوز أن يكون في موضع الحال (٢).
وقوله: ﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا﴾ (إنْ) بمعنى ما. و ﴿هُزُوًا﴾: مفعول ثان، أي: وإذا رآك الكفار ما يتخذونك إلا هزوًا، أي: مهزوًا به، قائلين: أهذا الذي يذكر آلهتكم بالسوء؟، فحذف المفعول الثاني للعلم به.
{خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (٣٧) وَيَقُولُونَ

(١) ساقطة من الأصل.
(٢) انظر الأوجه الثلاثة في التبيان ٢/ ٩١٨. واقتصر الزمخشري ٣/ ١١ على الأول فقط.


الصفحة التالية
Icon