وقرئ: (بل يأتيهم... فيبهتهم) بالياء فيهما النقط من تحتها (١)، والمستكن فيهما للوعد، أو للعذاب، أو للحين.
و﴿بَغْتَةً﴾: مصدر في موضع الحال من المنوي في ﴿تَأْتِيهِمْ﴾، أي: مفاجأة. قيل: المعنى: لا يكفونها بل تَفْجَؤهُمْ فتغلبهم، يقال للمغلوب في المَحَاجَّةِ: مَبْهُوتٌ، ومنه ﴿فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾ (٢) أي: غَلَبَ إبراهيمُ - عليه السلام - الكافرَ (٣). وأصل البهت من قولهم: بَهَتَهُ يَبْهَتُهُ، إذا واجهه بشيء يحيره فيه.
﴿قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣) بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (٤٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ﴾ (مَنْ) استفهام، ومعناه النفي. ﴿مِنَ الرَّحْمَنِ﴾ أي: من بأسه وعذابه (٤)، فحذف المضاف. وقيل: (مِنْ) هنا بمعنى البدل كقول الشاعر:

٤٤٥ - فَلَيْتَ لَنَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً .......... (٥)
(١) هذه قراءة الأعمش. انظر مختصر الشواذ / ٩١/. والكشاف ٣/ ١٢.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٥٨.
(٣) انظر هذا القول في الكشاف ٣/ ١٢.
(٤) انظر معاني الزجاج ٣/ ٣٩٣. وجامع البيان ١٧/ ٢٩. وزاد المسير ٥/ ٣٥٣. والقرطبي ١١/ ٢٩١.
(٥) وعجزه:
........... مُبَردةً باتت على طَهَيانِ
ويروى: فليت لنا من ماء (حمنان) شربة. وحمنان: مكة، فيكون المعنى واحدًا. وطهيان خشبة يبرّد عليها الماء كما في اللسان (حمن). واسم جبل كما في معجم البلدان =


الصفحة التالية
Icon