وقيل: تغيير أوصافها، أما تغيير الأرض فهو إذهاب جبالها وما عليها وجعلها قاعًا صفصفًا، يعضده قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: هي تلك الأرض وإنما تغير (١)، وأنشد:

٣٧٢ - وما النَّاسُ بِالنَّاسِ الذِينَ عَهِدْتَهُمْ وَمَا الدَّارُ بِالدَّارِ التي كُنْتَ تَعْلَمُ (٢)
وأما تغيير السماء: فهو انفطارها، وانتثار كواكبها، وكسوف شمسها، وخسوف قمرها، وغير ذلك على ما فسر (٣).
وقوله: ﴿وَبَرَزُوا﴾ يحتمل أن يكون مستأنفًا، أي: ويبرزون له، وقد ذكرت قبيل سبب مجيئه بلفظ الماضي في نظيره (٤). وأن يكون حالًا وقد معه مرادة، وذو الحال محذوف دل عليه تبديل الأرض، أي: خرجوا من قبورهم بارزين من لا تخفى عليه خافية.
﴿وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٤٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ انتصاب ﴿مُقَرَّنِينَ﴾ على الحال من ﴿الْمُجْرِمِينَ﴾، ولا يجوز أن يكون مفعولًا ثانيًا لـ (ترى) كما زعم بعضهم (٥)، لأن الرؤية هنا من رؤية العين، أي: وتراهم يومئذ مشدودين في القَرَنِ، والقَرَنُ: حبل يقرن به البعيران.
(١) كذا في الكشاف ٢/ ٣٠٨ وهو معنى رواية أبي صالح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - كما في زاد المسير ٤/ ٣٧٥. وبه قال الحسن كما في النكت والعيون ٣/ ١٤٣.
(٢) انظر هذا البيت أيضًا في الكشاف ٢/ ٣٠٨. والبحر المحيط ٥/ ٤٣٩. والدر المصون ٧/ ١٣٠. وروح المعاني ١٣/ ٢٥٤.
(٣) انظر جامع البيان ١٣/ ٢٤٩ - ٢٥٤. والنكت والعيون، وزاد المسير في الموضعين السابقين.
(٤) انظر إعرابه للآية (٢١) من هذه السورة.
(٥) أجازه السمين الحلبي ٧/ ١٣١.


الصفحة التالية
Icon