﴿أَنَّهُ﴾ لله جل ذكره (١). أي: والشأن أن الله يضله.
وقد قرئ: بالكسر فيهما (٢)، أما كسر الأول: فعلى تقدير قيل. وأما كسر الثاني: قيل: فعلى حكاية المكتوب كما هو، كأنما كتب عليه هذا الكلام، كما تقول: كتبت ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (٣)، أو على تقدير قيل، أو على أن ﴿كُتِبَ﴾ فيه معنى القول. ولأبي إسحاق في قوله: (فأنه) كلام ليس بالمرضي (٤) واعترض عليه فيه (٥)، وشهرته تغني عن ذكره مع أني نبهت على قوله في نظيره عند قوله جل ذكره: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ...﴾ الآية (٦).
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ﴾ (من البعث) يجوز أن يكون من صلة ﴿رَيْبٍ﴾، وأن يكون من صلة محذوف على أنه نعت له. وعن الحسن:
(٢) أي (إنه) و (فإنه). نسبها ابن عطية ١١/ ١٧٧ إلى أبي عمرو، وهي ليست من المتواتر. ونسبها ابن الجوزي ٥/ ٤٠٥ إلى أبي مجلز، وأبي العالية، وابن أبي ليلى، والضحاك، وابن يعمر.
(٣) سورة لقمان، الآية: ٢٦.
(٤) انظر كلام أبي إسحاق الزجاج في معانيه ٣/ ٤١١.
(٥) انظر الاعتراض عليه في المشكل ٢/ ٩١ - ٩٢.
(٦) سورة الأنعام، الآية: ٥٤.