أي: يقولون: يا عنترة. والرابع: أن (يدعو) يشبه أفعال القلوب من حيث كان معناه يسمى أو يزعم، وهو الوجه، لأن الزعم قول مع اعتقاد، أو يظن لأن ذلك ظن منه لا بل يقين واعتقاد، أي: يسمى أو يزعم أو يظن لمن ضره أقرب من نفعه إلاهًا أو مولى، أو نحو ذلك.
والثاني: أن يكون غير عامل فيما بعده لا لفظًا ولا تقديرًا، وفيه أوجه أيضًا:
أحدها: أنَّ ﴿يَدْعُوا﴾ تكرير وتأكيد للأول عمار عن المعمول، كأنه قال: يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه، ثم قال: لمن ضره بكونه معبودًا أقرب من نفعه بكونه شفيعًا.
والثاني: أن ﴿ذَلِكَ﴾ (١) مفعول: ﴿يَدْعُوا﴾ وهو بمعنى الذي وما بعده صلته، والتقدير: يدعو الذي هو الضلال البعيد، ثم ابتدأ فقال: لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى، وهذا على قول من جعل (ذا) مع غير الاستفهام بمعنى الذي.
والثالث: أن ﴿ذَلِكَ﴾ موصول بمعنى الذي كما ذُكر آنفًا، غير أنه في موضع رفع بالابتداء، و ﴿يَدْعُوا﴾ خبره على تقدير الهاء، أي: الذي هو الضلال البعيد يدعوه.
والرابع: أن ﴿ذَلِكَ﴾ على بابه في موضع رفع بالابتداء، وهو مبتدأ ثان، أو بدل، أو فصل، و ﴿الضَّلَالُ﴾ خبر الابتداء و ﴿يَدْعُوا﴾ في موضع الحال وفيه هاء محذوفة تعود إلى ﴿ذَلِكَ﴾، والتقدير: ذلك هو الضلال البعيد مدعوًا، وهذا فيه ما فيه لمن تأمل، لأنه إذا جعل ﴿ذَلِكَ﴾ ذا الحال لم يبق في الكلام عامل، والوجه أن يكون ذو الحال ﴿الضَّلَالُ﴾ والعامل ما في (ذا) من معنى الفعل.