وقوله: (فكيف كان نكيري) (١) أي: إنكاري، وهو مصدر بمعنى: الإنكار والتغيير، حيث أبدلهم بالنعمة نقمةً، وبالحياة هلاكًا، وبالعمارة خرابًا على ما فسر (٢).
﴿فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥)﴾:
قوله عز وجل: (فكأين من قرية أهلكتُها) (٣) محل (كأين) إما الرفع على الابتداء، والخبر (أَهُلَكُتُها)، أو النصب بفعل مضمر دل عليه (أَهْلَكْتُها).
وقوله: ﴿وَهِيَ ظَالِمَةٌ﴾ (٤) في محل النصب على الحال من الضمير الراجع إلى القرية، والمراد أهلها. ﴿فَهِيَ خَاوِيَةٌ﴾: عطف على (أهلكتُها) عطف جملة على جملة. وفي الخاوي وجهان:
أحدهما: الساقط، من خَوَى النجمُ يَخْوِي خَيًّا، إذا سقط، على معنى: أنها ساقطة على سقوفها، يعني: أن سقوفها سقطت على الأرض ثم تهدمت جدرانها فسقطت فوق السقوف.
والثاني: الخالي، من خَوَتِ المرأةُ وخَوِيَتْ أيضًا خَوىً، إذا خلا جوفُها عند الولادة، فهي خاوية، وخوى المنزل، إذا خلا من أهله، على معنى أنها خالية مع بقاء عروشها وسلامتها.
وقوله: ﴿عَلَى عُرُوشِهَا﴾ من صلة ﴿خَاوِيَةٌ﴾ على الوجهين، وقد جُوّز أن يكون من صلة محذوف على أن يكون خبرًا بعد خبر، على معنى: فهي خاوية وهي على عروشها، أي: قائمة مطلة على عروشها، على معنى: أن

(١) كذا بإثبات الياء في (أ) و (ب). وهي قراءة يعقوب في الوصل والوقف، وقرأها ورش في الوصل فقط. انظر التذكرة ٢/ ٤٤٩.
(٢) انظر الكشاف ٣/ ٣٥.
(٣) كذا على قراءة البصريين أبي عمرو، ويعقوب، والجمهور على (أهلكناها). انظر السبعة / ٤٣٨/. والمبسوط / ٣٠٨/. والتذكرة ٢/ ٤٤٧.
(٤) في الأصل والمطبوع: (وهي خاوية). تصحيف، لأن هذه سوف تأتي بعدها.


الصفحة التالية
Icon