وقوله: ﴿فَإِنَّهَا﴾ الضمير للقصة، وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: (فإنه) (١) على أنه ضمير الشأن، والجملة بعده مفسرة له.
وقوله: ﴿الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ من التوكيد الذي يزيد القومُ في الكلام، كقوله: ﴿عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ (٢). وقوله: ﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ (٣) وقوله: ﴿يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ (٤)، ونحو ذلك.
﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨) قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ قرئ: بالياء النقط من تحته (٥)، لقوله: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ﴾. وبالتاء النقط من فوقه على الخطاب (٦)، وهو أعم لدخول الفريقين فيه المؤمنين والمستعجلين.
وقوله: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ﴾، قيل: وإنما كانت الأولى معطوفة بالفاء، وهي قوله: ﴿فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ﴾ (٧) وهذه بالواو، لأن الأولى وقعت بدلًا عن قوله ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ (٨)، وأما هذه فحكمها حكم ما تقدمها من الجملتين المعطوفتين بالواو وهما: ﴿وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ﴾.

(١) انظر قراءته أيضًا في معاني الفراء ٢/ ٢٢٨. وجامع البيان ١٧/ ١٨٣. ومعاني النحاس ٤/ ٤٢٢. والكشاف ٣/ ٣٦.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٩٦.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٦٧.
(٤) سورة الأنعام، الآية: ٣٨.
(٥) قرأها ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وخلف كما سوف أخرج بعد.
(٦) هذه قراءة الباقين من العشرة. وانظر القراءتين في السبعة / ٤٣٩/. والحجة ٥/ ٣٨٢ - ٣٨٣. والمبسوط / ٣٠٨.
(٧) أول الآية (٤٥) المتقدمة.
(٨) آخر الآية (٤٤).


الصفحة التالية
Icon