وقوله: ﴿لَيُدْخِلَنَّهُمْ﴾ مستأنف، أو بدل من قوله: ﴿لَيَرْزُقَنَّهُمُ﴾.
﴿مُدْخَلًا﴾: بضم الميم يجوز أن يكون مصدرًا بمعنى الإدخال، وأن يكون موضعَه، وكذا (مَدْخَلًا) بفتح الميم حكمه حكم المُدْخَل، يجوز أن يكون بمعنى الدخول، وأن يكون مكانَه، وقد مضى الكلام عليها في "النساء" بأشبع من هذا (١).
﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿ذَلِكَ﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر ذلك، والإشارة إلى ما وعدوا به، ثم ابتدأ جل ذكره فقال: ﴿وَمَنْ عَاقَبَ﴾ (مَنْ) موصولة في موضع رفع بالابتداء، ونهاية صلتها: ﴿ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ﴾، والخبر ﴿لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ﴾. ويجوز أن تكون شرطية، وقد سد جواب القسم جواب الشرط.
قيل: وسَمَّى الأولَ عقوبة لازدواج الكلام، كما سَمَّى الثاني باسم الأول في نحو: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ (٢). والباء فيهما بمعنى السبب لا بمعنى الآلة (٣).
(٢) سورة الشورى، آية: (٤٠). وانظر هذا القول في معاني الزجاج ٣/ ٤٣٥. ومعاني النحاس ٤/ ٤٢٩.
(٣) كذا في التبيان ٢/ ٩٤٦. والكلام على قوله: (بمثل ما عوقب به). وعن الخفاجي أن باء (بمثل) آلية لا سببية. والباء الآلية هي الداخلة على آلة الفعل، وتكون بمعنى الاستعانة.