وقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾ أي: ومن الناس رسلًا.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿حَقَّ جِهَادِهِ﴾ منصوب على المصدر. وقيل: صفة لمصدر محذوف، أي: جهادًا حق جهاده (١).
وقوله: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ﴾ في نصبه أوجه:
أحدها: على إضمار فعل، أي: اتبعوا أو الزموا ملة أبيكم، لأن قبله: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ (٢).
والثاني: في الكلام حذف مضاف تقديره: وجاهدوا في دين الله، و ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ﴾ بدل من محل المضاف (٣).
والثالث: على الاختصاص، أي: أعني بالدين ملة أبيكم، كقولك: الحمد لله الحميد (٤).
والرابع: منصوب بمضمون ما تقدمه، كأنه قيل: وسع دينكم توسعة ملة أبيكم، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، لأن قوله: {وَمَا

(١) جوزه العكبري ٢/ ٩٤٩.
(٢) هذا الوجه للزجاج ٣/ ٤٤٠. وجوزه الفراء ٢/ ٢٣١.
(٣) هذا الوجه حكاه صاحب البيان ٢/ ١٧٩ هكذا: أن يكون منصوبًا على البدل من موضع الجار والمجرور وهو قوله: (في الدين) لأن موضعه النصب بـ (جعلنا).
(٤) قاله الزمخشري ٣/ ٤١.


الصفحة التالية
Icon