في الأصل موضوعة للتقليل، لأنهم يودون الإسلام في كل ساعة ولحظة. وقيل: هو على بابه، لأنهم في النار في شغل شاغل، فربما يفيقون في بعض الأحيان فيتمنون ذلك (١).
﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (٤) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (٥) وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿ذَرْهُمْ﴾ لم يستعمل منه ماض، ولا اسم فاعل استغناء عنهما بتَرَكَ وتاركِ، وحذفت الواو من مضارعه لوقوعها بين ياء وكسرة في الأصل، وإنما فتحت عينه حملًا على ما هو في معناه وهو (يدع)، فجعل لفظه كلفظه لذلك.
وقوله: ﴿إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ﴾ محل الجملة الجر أو النصب على النعت لقرية، إما على اللفظ أو المحل، كقوله: ﴿مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ (٢).
قيل: والقياس ألا يتوسط الواو بينهما كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ﴾ (٣)، وإنما توسطت لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف، كما يقال في الحال: جاءني زيد عليه ثوب، وجاءني وعليه ثوب (٤).
وقوله: ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا﴾ أي: أُمَّةٌ، و (مِن) مزيدة، وأنَّث الأمة أولًا ثم ذكَّرها آخرًا حملًا على اللفظ والمعنى، وقال ﴿يَسْتَأْخِرُونَ﴾ بحذف (عنه) لأنه معلوم.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٥٩.
(٣) سورة الشعراء، الآية: ٢٠٨.
(٤) كذا هذا التعليل في الكشاف ٢/ ٣١٠. وبه قال العكبري ٢/ ٧٧٧. ولأبي حيان ٥/ ٤٤٥ اعتراض عليه.