وقوله: ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي: ذلك أو هو نور. و ﴿عَلَى نُورٍ﴾: صفة لـ ﴿نُورٌ﴾، والمراد تضاعيف الأنوار وكثرتها، كقولهم: فلان يضع درهمًا على درهم، أي يجمع الدراهم.
﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فِي بُيُوتٍ﴾ فيما يتصل به ﴿فِي﴾ وجهان:
أحدهما: [متصل بما قبله، وفيما يتعلق به وجهان - أحدهما: ] (١) متعلق بـ (توقد) أي: توقد في مساجد أذن الله أن ترفع، أي: أمره بأن تبنى، كقوله: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ﴾ (٢) أي: يبنيها. وقيل: غير ذلك. والثاني: متعلق بمحذوف على أنه نعت لمشكاة، أو لمصباح، أو لزجاجة، أي ثابتة، أو ثابت في بيوت من صفتها كيت وكيت.
والثاني: متصل بما بعده، وفيما يتعلق به وجهان - أحدهما: متعلق بقوله: ﴿يُسَبِّحُ﴾، أي: يسبح له رجال في بيوت، وفيها تكرير كرر للتأكيد، كقولك: في الدار زيد جالس فيها، وقوله: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ (٣)، ويُسْتَوْفَى الكلام على هذا عند قوله: ﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا﴾ بأشبع ما يكون إن شاء الله (٤)، ولا يجوز أن يتعلق بقوله: ﴿وَيُذْكَرَ﴾. لكونه معطوفًا على ﴿أَنْ تُرْفَعَ﴾ داخلًا في صلة ﴿أَنْ﴾، وما
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٢٧.
(٣) سورة هود، الآية: ١٠٨.
(٤) انظر إعرابه للآية (١٧) من سورة الحشر.