للإطالة، والله ولي التوفيق، انتهى كلامه - رحمه الله -.
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (٤١) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٤٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ﴾ الرؤية هنا من رؤية القلب.
وقوله: ﴿وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ﴾ عطف على ﴿مَنْ﴾، وانتصاب ﴿صَافَّاتٍ﴾ على الحال من (الطَّيْرُ)، أي: وتسبح له الطير باسطات أجنحتهن في الهواء. ويجوز في الكلام نصب (الطير) على جعل الواو بمعنى (مع) (١).
وقوله: ﴿كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾ (كل) رفع بالابتداء، وما بعده خبره، والمنوي في ﴿عَلِمَ﴾ لـ ﴿كُلٌّ﴾ أو لله جل ذكره. وكذلك الضمير المجرور في قوله: ﴿صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾، يجوز أن يكون لـ ﴿كُلٌّ﴾، وأن يكون لله تعالى، أي: علم كل هذه الأشياء المذكورة صلاة نفسه وتسبيحه، أو كلٌّ قد علم الله صلاته، أي: صلاة كُلٍّ وتسبيحه، أو قد علم كُلٌّ صلاة الله وتسبيحه، أي الصلاة التي لله، والتسبيح الذي له.
ويجوز في الكلام نصب (كل) بإضمار فعل يفسره ما بعده، ويكون المنوي في ﴿عَلِمَ﴾ لله جل ذكره، أي: علم الله كلًّا علم صلاته وتسبيحه، فإن جعلت المستكن في ﴿عَلِمَ﴾ لـ ﴿كُلٌّ﴾ ضعف نصب (كل) عند صاحب الكتاب رحمه الله، لأنك إذا نصبته بإضمار فعل عديت فعله إلى نفسه، وذلك شيء يختص به أفعال القلوب، فاعرفه فإنَّ فيه أدنى غموض (٢).
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ

(١) جوزه أبو إسحاق ٤/ ٤٨. وانظر إعراب النحاس ٢/ ٤٤٦.
(٢) انظر مشكل مكي ٢/ ١٢٣.


الصفحة التالية
Icon