وقيل: المصبوب، يقال: سننت الشيء سنًا، إذا صببته صبًا سهلًا، وسن الماء على وجهك (١).
وقيل فيه غير ذلك (٢).
﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (٢٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ﴾ انتصاب (الجان) بفعل مضمر يفسره ما بعده، أي: وخلقنا الجانَّ من قبل خلق آدم، ورفعه في الكلام جائز (٣)، والنصب أحسن، لقوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا﴾ (٤).
واختلف فيه، فقيل: هو للجن كآدم للناس، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٥).
وسمي جَانًّا لاستتاره عن عيون البشر، ومنه جَنّ الليل. وقيل: هو إبليس، عن قتادة وغيره - رضي الله عنهم - (٦).
وجمعه جِنَّانٌ، كحائط وحيطان.
وعن الحسن: (والجَأَن) بالهمز (٧) هربًا من التقاء الساكنين.
وقوله: ﴿مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ يحتمل أن يكون من صلة (خلقنا) و ﴿مِنْ﴾ لابتداء الغاية، وأن يكون في موضع الحال من الهاء، أي: خلقناه كائنًا من نار السموم.

(١) نسبه الماوردي في الموضع السابق إلى أبي عمرو بن العلاء. وهو قول أبي عبيدة ١/ ٣٥١.
(٢) انظر معاني النحاس ٤/ ٢٤ - ٢٦. والنكت والعيون، وزاد المسير.
(٣) جوزه كذلك العكبري ٢/ ٧٨١.
(٤) يعني لكونه معطوفًا على جملة فعلية.
(٥) حكاه عنه في زاد المسير ٤/ ٣٩٩. والمعنى أن آدم عليه السلام أبو الإنس، وأن الجان أبو الجن، وذكره الفراء ٢/ ٨٨ عن الحسن. وانظر النكت والعيون ٣/ ١٨٥.
(٦) ذكره ابن الجوزي في الموضع السابق عن قتادة، ومقاتل، وعطاء، والحسن. واقتصر الماوردي في نسبته على الأخير فقط.
(٧) انظر قراءة الحسن - رحمه الله - في إعراب النحاس ٢/ ١٩٤. ومختصر الشواذ / ٧١/. والكشاف ٢/ ٣١٣. والمحرر الوجيز ١٠/ ١٢٥.


الصفحة التالية
Icon