وقال غيره (١): (كل) للاستيعاب والإحاطة، و (أجمعون) لاتفاقهم على الفعل في حالة واحدة (٢).
والوجه هو الأول لوجهين:
أحدهما: أنك تقول: جاءني القوم أجمعون، من غير كل وإن سبق بعضهم بعضًا.
والثاني: أنه لو كان كما زعم لكان حالًا لا تأكيدًا، ولزمه أن ينصبه، والحال تكون نكرة، و (أجمعون) معرفة، فاعرفه.
وقوله: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ نصب على الاستثناء، وهل هو متصل أم منقطع؟ على ما أُوضح وذُكر في "البقرة" (٣).
وقوله: ﴿أَبَى أَنْ يَكُونَ﴾ (أن) وما اتصل بها في موضع نصب بـ ﴿أَبَى﴾.
﴿قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣٢) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٣٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ﴾ (ما) في موضع رفع بالابتداء و ﴿لَكَ﴾ الخبر، و (أنْ) في موضع نصب لعدم الجار وهو (في) أي: في أن لا تكون، أو جر على إرادته على الخلاف المشهور المذكور في غير موضع (٤).
(٢) يعني أن (أجمعون) واقع موقع الحال، أي إن سجودهم كلهم في حال واحدة غير مفترقين.
(٣) آية (٣٤). والجواب مبني على الاختلاف في كون إبليس من الملائكة أم من الجن؟ وانظر المشكل ٢/ ٧ - ٨.
(٤) يعني الخلاف بين سيبويه وشيخه الخليل، فسيبويه يعربه في محل نصب لعدم الجار، والخليل يعربه في محل جر لإرادته. وانظر إعراب الآية (٢٥) من البقرة حيث خرجت ذلك.