أحدهما: بمعنى (الذي) وعائدهُ محذوف، أي: بما تؤمر به من الشرائع والأحكام، فحذف الجار كما حذف في قوله:

٣٨٢ - أمرتُكَ الخيرَ...... ............. (١)
ثم العائد، والأصل: فاصدع بالذي يأمرك به الله، ثم يأمركه الله، فلما بني الفعل للمفعول ترك ذكر اسم الله، ووضع ضمير المنصوب المخاطب موضع الفاعل، فارتفع، وهذا الضمير إذا صار إلى الرفع استَكَنَّ في الفعل فيصيرُ بما تُؤْمَرُهُ، ثم بما تُؤْمَرُ.
والثاني: بتأويل المصدر، فلا حذف إذن، أي: فاصدع بأمرك، والمعنى: فاجْهَرْ به وأظهره، من صَدَعْت الشيء، إذا أظهرته وبينته، يقال: صدعت بالحق، إذا تكلمت به جهارًا. قال أبو إسحاق: أُخذ ذلك من الصَّدِيع وهو الصبح (٢). قال الشاعر:
٣٨٣ -............ كأنَّ بَيَاضَ غُرَّتِهِ صَدِيعُ (٣)
وقوله: ﴿الَّذِينَ يَجْعَلُونَ﴾ إما موصول بـ ﴿الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ على أنه صفة منصوبة. أو منصوب على الذم بتقدير: أَذُمُّ الذين، أو أعني الذين، أو مرفوع على: هم الذين.
هذا آخر إعراب سورة الحجر والحمد لله وحده (٤).
(١) تقدم هذا الشاهد برقم (١٨) وغيره.
(٢) معانيه ٣/ ١٨٦.
(٣) عجز بيت لعمرو بن معد يكرب، وقيل للشماخ وصدره:
ترى السرحان مفترشًا يديه .............
وأكثر المصادر على (لَبَّته) بدل (غرته). ويروى (به السرحان) أو (بها السرحان). وانظره في معجم العين ١/ ٢٩٢. والمعاني الكبير ١/ ١٩٣. ومعاني الزجاج ٣/ ١٨٦. وجمهرة اللغة ١/ ٥١٢. ومعاني النحاس ٤/ ٤٥. وزاد المسير ٤/ ٤٢٠. واللسان (صدع).
(٤) في (أ): والحمد لله رب العالمين، وحسبنا الله.


الصفحة التالية
Icon