فقال: ﴿فِيهَا دِفْءٌ﴾ فدفءٌ: رفْعُ بالابتداء، و (فيها) الخبر، أو بـ (فيها) على رأي أبي الحسن، ومحل الجملة النصب على الحال من الضمير المنصوب في ﴿خَلَقَهَا﴾.
وأن يكون: من صلة ﴿دِفْءٌ﴾ فتقف على ﴿خَلَقَهَا﴾ ثم تبتدئ فتقول: لكم فيها دفء، فيكون فيه وجهان:
أحدهما: خبر لـ ﴿دِفْءٌ﴾، و ﴿فِيهَا﴾ إما من صلة الخبر نفسه، أو من صلة المقدر فيه من معنى الاستقرار، أو من صلة محذوف على أن يكون حالًا من: ﴿دِفْءٌ﴾ لتقدمه عليه، وهو في الأصل صفة له، فلما قدم عليه نصب على الحال.
والثاني: حال من ﴿دِفْءٌ﴾ للسبب المذكور آنفًا، و ﴿فِيهَا﴾ الخبر، فاعرفه فإن فيه أدنى إشكال.
وقرئ: (دِفٌ) بطرح الهمزة بعد إلقاء حركتها على الفاء (١)، كقولك في مسألة: مَسَلَةٍ.
والدِّفْءُ: ما يدفئهم من الأوبار والأصواف والأشعار، وما ينتفع به منها، وهو الاسم، والمصدر: الدَّفَأُ، والدفاءة. تقول منه: دَفِئَ الرجل دَفَأً ودفاءةً، كظَمِئ ظمأً، وكره كراهة، والاسم: الدِّفْءُ بالكسر، وهو الشيء الذي يدفِئُهُ (٢).
وقوله: ﴿وَمَنَافِعُ﴾ يعني: أنواع ما ينتفعون به من نَسْلها ودَرِّها (٣) وركوبها وغير ذلك.

(١) قرأها الزهري. انظر المحتسب ٢/ ٧. وهي قراءة زيد بن علي كما في البحر ٥/ ٤٧٥. وذكرها ابن عطية ١٠/ ١٦٠. وأبو حيان الموضع السابق عن الزهري وأبي جعفر، لكن جعلاها بضم الفاء وتشديدها مع التنوين.
(٢) انظر في هذا: الصحاح (دفأ).
(٣) لبنها.


الصفحة التالية
Icon