كَافِرُونَ (٤٨) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٩)}:
قوله عز وجل: (ساحران) خبر مبتدأ محذوف، أي: هذان ساحران، أو هما ساحران، يريدون موسى ومحمد - عليهما السلام - عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقيل: موسى وهارون، عن مجاهد وغيره (١)، وقرئ: (سِحْران) (٢)، على معنى: ذوا سحر، أو جعلوهما سحرين مبالغة في وصفهما بالسحر. وقيل: المراد بهما الكتابان، وهما التوراة والقرآن، أو الإنجيل والقرآن، أو التوراة والإنجيل على ما فسر وأُوِّلَ (٣). يعضد الأولى: ﴿تَظَاهَرَا﴾، لأجل أن التعاون في الحقيقة إنما يكون للساحرين لا للسحرين، وينصر الثانية: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا﴾ يعني من الكتابين اللذين قالوا فيما سحران.
ومن قرأ: (ساحران) فالمعنى عنده هو أهدى من كتابيهما، فحذف المضاف.
وقرئ: (اظَّاهرا) (٤) وأصله: تظاهرا كقراءة الجمهور، فأدغمت التاء في الظاء بعد قلبها ظاء، ثم جيء بألف الوصل لسكون الظاء بعدها.
وقوله: ﴿إِنَّا بِكُلٍّ﴾ أي: بكل واحد من المذكورين.
{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ

(١) انظر القولين في جامع البيان ٢٠/ ٨٣ - ٨٤. والنكت والعيون ٤/ ٢٥٦.
(٢) بغير ألف وكسر السين، وهي قراءة عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف. وقرأ الباقون: (ساحِران) بالألف وكسر الحاء. انظر السبعة / ٤٩٥/. والحجة ٥/ ٤٢٣. والمبسوط / ٣٤١/.
(٣) خرجها جميعًا الطبري ٢٠/ ٨٤ - ٨٥.
(٤) هي قراءة ابن مسعود - رضي الله عنه -، وطلحة، والأعمش. انظر مختصر الشواذ / ١١٣/. والمحرر الوجيز ١٢/ ١٦٢.


الصفحة التالية
Icon