للزمان، لأنه الليل والنهار، وهو من التعسف (١). والتقدير: جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار لتبتغوا فيه من فضله، ولكنه مزج لكون المعنى مفهومًا.
﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ﴾ (ما) موصولة في موضع المفعول الثاني لآتينا، و ﴿إِنَّ﴾ وما اتصل بها إلى قوله: ﴿أُولِي الْقُوَّةِ﴾ صلتها، وإنما وصلت بإن وكسرت، لأن (ما) الموصولة توصل بالجملتين المبتدأ والخبر، والفعل والفاعل، ولا اختصاص لها بأحدهما.
و﴿مَفَاتِحَهُ﴾: جمع مِفْتَح بكسر الميم وهو ما يفتح به. وقيل: جمع مَفْتَحٍ بفتح الميم وهو الخزانة (٢). وقيل: جمع مفتاح، والأصل مفاتيح فحذفت الياء، وهو ما يفتح به الباب.
وقوله: ﴿لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ﴾ الباء للتعدية، الهمزة في أناءه الحمل، أي أثقلهُ وأمالهُ، أي لَتُنِيءُ العصبةَ، أي تثقلهم. وقال أبو عبيدة: وهو من المقلوب، أي: لتنوء بها العصبة، يقال: ناء بالحمل، إذا نهض به مثقلًا، وأناء به الحمل، إذا أثقله (٣).
و﴿مِنَ الْكُنُوزِ﴾ من صلة الإيتاء، و (إذ) من صلة النوء، أو من صلة محذوف، أي: بغى إذا قال، أي في ذلك الوقت، دل عليه معنى الكلام.
وقرئ: (لَيَنُوء) بالياء النقط من تحته (٤)، أي لينوء ذلك، أو المذكور.

(١) انظر هذا القول في المحرر الوجيز ١٢/ ١٨٣.
(٢) كذا فسرها الفراء ٢/ ٣١٠. وأبو عبيدة ٢/ ١١٠. وانظر القولين في جامع البيان ٢٠/ ١٠٦.
(٣) مجاز القرآن ٢/ ١١٠ وقد حكاه المؤلف - رحمه الله - بالمعنى.
(٤) قرأها بديل بن ميسرة، كما في المحتسب ٢/ ١٥٣. والمحرر الوجيز ١٢/ ١٨٨.


الصفحة التالية
Icon