وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤)}:
قوله عز وجل: ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ﴾ (يوم) يجوز أن يكون مفعولًا به على معنى: اذكر يوم، وأن يكون ظرفًا لما دل عليه ﴿لَا بُشْرَى﴾، أي: يمنعون البشرى في ذلك اليوم، أو يُحْرَمونها، أو يعذبون، دل عليه معنى الكلام، ولا يجوز أن يكون معمول ﴿لَا بُشْرَى﴾، لأن ما كان في حيز النفي لا يتقدم عليه، وأيضًا فإن ﴿بُشْرَى﴾ مصدر، ومعمول المصدر لا يتقدم عليه، ولا معمول ﴿يَرَوْنَ﴾ لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف.
قوله: ﴿لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ﴾ (بشرى) يجوز أن يكون مبنيًا مع ﴿لَا﴾ في موضع رفع بالابتداء بمنزلة: لا رجل، وفي خبره وجهان:
أحدهما: ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ لأن الظروف تكون أخبارًا عن الأحداث، و ﴿لِلْمُجْرِمِينَ﴾ يجوز أن يكون خبرًا بعد خبر، وأن يكون صفة لاسم ﴿لَا﴾، وأن يكون تبيينًا له، وهو إما ظاهر في موضع ضمير، أي: لا بشرى يومئذ لهم، وإما عام فقد تناولهم بعمومه.
والثاني: ﴿لِلْمُجْرِمِينَ﴾ هو الخبر، و ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ إما معمول الخبر، وإما تكرير لليوم الأول.
وألا يكون مبنيًا مع ﴿لَا﴾ بل نقدر فيه التنوين، وإنما سقط منه التنوين لكونه لا ينصرف.
ويجوز أن يكون منصوبًا كقولك: لا سرورًا بزيد.
وأن يكون مرفوعًا مبتدأ، و ﴿لِلْمُجْرِمِينَ﴾ الخبر، ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ على هذا إما معمول لـ ﴿بُشْرَى﴾ أو معمول الخبر، ولا يجوز أن يكون معمول ﴿بُشْرَى﴾ إذا بنيتها مع ﴿لَا﴾، فاعرفه فإنه موضع.
وقوله: ﴿حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ (حجرًا) يجوز أن يكون مصدرًا مؤكدًا على