أما الرفع ففيه ثلاثة أوجه:
أن يكون خبرًا لإِنَّ، على أنَّ (ما) موصول وعائده محذوف، والتقدير: إن الذين اتخذتموهم من دون الله أوثانًا مودةُ بينكم، وهو مفعول أول، أعني العائد، و ﴿أَوْثَانًا﴾ ثان، كقوله: ﴿وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا﴾ (١)، وجاز أن تجعل ما اتخذتموه من دون الله مودة على الاتساع، لأنه سبب المودة، أو تقدر حذف مضاف، أي: إِنَّ ما اتخذتموهم من دون الله أوثانًا ذو مودة بينكم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
وأن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هي أو هم مودة بينكم.
وأن يكون رفعًا بالابتداء، والخبر ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، أي: مودة بينكم كائنة أو واقعة في الحياة الدنيا، والجملة خبر (إِنَّ)، والبين على هذه القراءة مفعول على السعة، لأن إضافة المودة تخرجه عن أن يكون ظرفًا كما أخرجت اليوم في قولك: يا سائر اليوم، لأنه إذا كان ظرفًا كانت (في) مرادة فيه ومقدرة معه، بدلالة ظهورها مع علامة الضمير في نحو قولك: الذي سرت فيه يوم الجمعة، فإرادة ذلك فيه تمنع الإضافة إليه، فالبين في قوله: (مودةُ بينكم) عارٍ من تقدير (في)، كما أن زيدًا في قوله: يا ضارب زيد كذلك، فاعرفه.
وأما النصب ففيه أوجه:
أن يكون مفعولًا له، و (ما) كافة، كقوله: ﴿كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ﴾ (٢) و ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ (٣)، و ﴿أَوْثَانًا﴾: مفعول أول، والثاني
(١) سورة هود، الآية: ٩٢.
(٢) سورة الأنفال، الآية: ٦.
(٣) سورة النساء، الآية: ١٧١.