والثاني: محذوف، حذف كما يحذف جواب لو ولما للإِبهام، ويكون ﴿أَسَاءُوا السُّوأَى﴾ بمعنى اقترفوا الخطيئة التي هي أسوأ الخطايا، و ﴿أَنْ كَذَّبُوا﴾ عطف بيان لها.
والثالث: ﴿أَنْ كَذَّبُوا﴾، أي: ثم كان عاقبة المسيئين التكذيب، على معنى: أنهم لم يظفروا من شركهم وكفرهم بشيء إلا بالتكذيب بآيات الله، و ﴿السُّوأَى﴾ على هذا في موضع نصب على أنه مصدر أساؤوا واقع موقع الإِساءة، لأن فُعلى من أبنيه المصادر كالرجعى والبشري، أو صفة مصدره، أي: أساؤوا الإِساءة السوءى، وذُكِّر الفعل حملًا على المعنى، لأن العاقبة والمصير بمعنى، أو لأن التأنيث غير حقيقي.
وقرئ: بنصبها (١)، على أنها خبر كان، وفي الاسم وجهان:
أحدهما: ﴿السُّوأَى﴾، تعضده قراءة من قرأ: (السوءُ) بالرفع وهو الأعمش (٢)، والتقدير: ثم كان السوءُ عاقبةَ الذين أساؤوا لأن كذبوا.
قال أبو علي: ولا يجوز أن يكون ﴿أَنْ كَذَّبُوا﴾ متعلقًا بقوله: ﴿أَسَاءُوا﴾ على هذا، لأنك تفصل بين الصلة والموصول بخبر كان، لأن قوله: ﴿أَسَاءُوا﴾ في صلة الذين (٣).
والثاني: ﴿أَنْ كَذَّبُوا﴾ أي: ثم كان التكذيب عاقبة الذين أساؤوا، ويكون ﴿السُّوأَى﴾ على هذا مصدرًا لأساؤوا، وقد ذكر.
{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ
(٢) انظر قراءته أيضًا في معاني النحاس ٥/ ٢٤٦. وإعرابه ٢/ ٥٨٢. والمحرر الوجيز ١٢/ ٢٤٨. وزاد المسير ٦/ ٢٩١. والقرطبي ١٤/ ١٠.
(٣) انظر قول أبي علي في حجته ٥/ ٤٤٣.