بقوله: ﴿لِلرَّحْمَنِ﴾. وأجاز أبو إسحاق نصب ﴿الْحَقُّ﴾ على: أُحِقُّ الحَقَّ، أو أعني الحَقَّ (١)، والخبر على هذا أحد المذكورين.
﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (٢٩) وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (٣٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَاوَيْلَتَى﴾ في موضع نصب على الحال من المنوي في ﴿يَعَضُّ﴾، والألف في ﴿يَاوَيْلَتَى﴾ بدل من الياء، والأصل: يا وَيْلَتِي، لأن القائل ينادي ويلته وهي هلكته، يقول لها: تعالى فهذا وقتك وزمانك، وبالأصل قرأ بعض القراء (٢)، وإنما قلبت الياء ألفًا طلبًا للخفة، و ﴿فُلَانًا﴾ كناية عن الأعلام، ولا تدخله آلة التعريف، لأنه علم للكناية، وإنما دخلت في أعلام البهائم للفرق.
و﴿خَلِيلًا﴾: مفعول ثان، ومثله ﴿مَهْجُورًا﴾، أي: صيروه متروكًا بإعراضهم عنه، مِنْ هَجَرَهُ، إذا تركه، وقيل: هو من هجر، إذا هذى (٣)، أي: جعلوه مهجورًا فيه، فحذف الجار، وهو على وجهين، أحدهما: زعمهم أنه هذيان وباطل وأساطير الأولين. والثاني: أنهم إذا سمعوه هجروا فيه، كقوله: ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ﴾ (٤).
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (٣١) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ
(٢) هو الحسن كما في الإتحاف ٢/ ٣٠٨.
(٣) انظر جامع البيان ١٩/ ٩. ومعاني النحاس ٥/ ٢٣. والنكت والعيون ٤/ ١٤٣.
(٤) سورة فصلت، الآية: ٢٦.