قال المفسر. يعني بقوله: جعل فيها بعض ما في الفاء أنها يقع بعدها ما لم يكن، كما يقع بعد الفاء ما لم يكن، لأن قوله: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾ السيئة لم تصبهم بعد. والمعنى: إن تصبهم يقنطوا، ولا يجوز أن يقع بعد (إذا) مما قد كان ويراد به معنى ما لم يقع، كما يكون مع الفاء، نحو: إذا جئتني فزيدٌ عندي، لأن الفاء أصل في الجواب، و (إذا) فرعٌ، فلا يجوز أن يكون في (إذا) كل ما يكون في الفاء، لأن المشبه بالشيء لا يكون مثله في جميع أحواله، فهذا معنى قول الخليل: وجعل فيها بعض ما في الفاء.
ولا يجوز وقوع الفعل بعد (إذا) هذه لأن ما بعدها مرفوع بالابتداء وهي خبر عنه، فكما أن المبتدأ لا يكون إلا اسمًا، فكذلك (إذا) هذه لا يكون ما بعدها إلا اسمًا فاعرفه.
﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا﴾ (ما) هنا يجوز أن تكون شرطية، وأن تكون موصولة، ودخول الفاء في الجواب يصلح فيهما، فإن كانت شرطية كان محلها النصب بـ ﴿آتَيْتُمْ﴾، وإن كانت موصولة كانت في موضع رفع بالابتداء وعائدها محذوف، أي: آتيتموه.
وقرئ: (وما آتيتم) بالمد (١)، بمعنى: وما أعطيتم من هدية أهديتموها لتعوضوا أكثر منها فلا ثواب لكم فيها عند الله، لأنكم إنما قصدتم إلى زيادة العوض، ولم تبتغوا في ذلك وجه الله، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٢) وغيره.
وقرئ: بالقصر (٣)، بمعنى: وما جئتم به، وهي في المعنى يَؤُول إلى
(٢) انظر جامع البيان ٢١/ ٤٦. والنكت والعيون ٤/ ٣١٦. والحجة ٥/ ٤٤٦.
(٣) قرأها ابن كثير وحده. انظرها مع قراءة الجمهور في السبعة / ٥٠٧/. والحجة ٥/ ٤٤٦. والمبسوط / ٣٤٩/. والتذكرة ٢/ ٤٩٤.