القرآن (١)، فاعرفها وخذ منها ما صفا ودع ما كدر.
﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٥٠)﴾:
قوله عز وجل: (فانظر إلى أثر رحمة الله) قرئ: بالإِفراد (٢)، لكونه مضافًا إلى مفرد، وبالجمع (٣)، إذ المراد بالرحمة الكثرة لقوله: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ (٤).
وقوله: ﴿كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ﴾ الجمهور على الياء في قوله: (يحيي) النقط من تحته، والمنوي فيه لله جل ذكره، أو للأثر، وقرئ: (تحيي) النقط من فوقه مع إفراد الأثر (٥)، على أن المستكن فيه للأثر، وأنث لتأنيث لفظ الرحمة. وساغ ذلك مع امتناعهم أن يقولوا: أما ترى إلى غلام هند كيف تضرب زيدًا؟ بالتاء النقط من فوقه، لأن الرحمة قد يقوم مقامها أثرها، فإذا ذكرت أثرها فكأن الغرض في ذلك إنما هو هي، تقول: رأيت عليك النعمة، ورأيت عليك أثر النعمة، ولا يعبر عن هند بغلامها، لا تقول رأيت غلام

(١) بهذا المعنى لم أجده عن أبي العباس، وأقرب شيء إليه ما ذكره ابن الجوزي ٦/ ٣٠٩ - ٣١٠ عن أبي عمر الدوري، وأبي جعفر بن قادم: من قبل الهدى، فلما جاء الهدى والإسلام زال. وحكوا عن قطرب: من قبل التنزيل من قبل المطر. ولكن المراد بالتنزيل هنا: تنزيل المطر. انظر معاني الزجاج، ومعاني النحاس، وزاد المسير، والقرطبي المواضع السابقة.
(٢) قرأها أبو جعفر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وعاصم في رواية أبي بكر.
(٣) قرأها ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف، وعاصم في رواية حفص. انظر القراءتين في السبعة / ٥٠٨/ والحجة ٥/ ٤٤٨. والمبسوط / ٣٤٩/. والتذكرة ٢/ ٤٩٥.
(٤) سورة إبراهيم، الآية: ٣٤. وسورة النحل، الآية: ١٨.
(٥) قرأها محمد بن السميفع اليماني، والجحدري، وأبو حيوة. انظر معاني النحاس ٥/ ٢٧٠. والمحتسب ٢/ ١٦٥. والمحرر الوجيز ١٢/ ٢٦٩. ونسبها ابن الجوزي في زاد المسير ٦/ ٣١٠ إلى عثمان - رضي الله عنه -، وأبي رجاء، وأبي عمران الجوني، وسليمان التيمي.


الصفحة التالية
Icon