عنها متعظمًا مشبهًا من لم يسمعها، وكذا: ﴿كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ﴾ في موضع الحال، إما من المنوي في (لم يسمع)، أو من الذكر في مشبهًا، أو ﴿وَلَّى﴾ أو ﴿مُسْتَكْبِرًا﴾. وقد جوز أن يكونا مستأنفين (١) وهو من التعسف لما فيه من هجنة الإِعراب، لأن فائدة التولية منوطة بهما، وكلاهما كالمفسر لها. وأن في كأن هي المخففة من الثقيلة، واسمها مضمر وهو ضمير الشأن والحديث، أي: كأنه.
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠) هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خَالِدِينَ﴾ ارتفاع قوله: ﴿جَنَّاتُ﴾ على الفاعلية بالظرف على المذهبين (٢) لجريه خبرًا على المبتدأ، كقولك: إن زيدًا في الدار أبوه. لا على الابتداء كما زعم بعضهم، وأما انتصاب ﴿خَالِدِينَ﴾ فعلى الحال من الضمير المجرور باللام.
وقوله: ﴿وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا﴾ قيل: مصدران مؤكدان، الأول مؤكد لنفسه، والثاني مؤكد لغيره، لأن قوله: ﴿لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ﴾ في معنى: وعدهم الله جنات النعيم، فأكد معنى الوعد بالوعد. وأما ﴿حَقًّا﴾ فدال على معنى الثبات أكد به معنى الوعد، أي: حق ذلك لهم حقًا، ومؤكدهما جميعًا قوله: ﴿لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ﴾ (٣).
(٢) يعني مذهب سيبويه، ومذهب الأخفش، وقد تقدما مرارًا.
(٣) انظر هذا الإعراب في الكشاف ٣/ ٢١١.