الأمر كما ذكرت وزعمت، إِلا أن المفتوحة هنا بمنزلة المكسورة، لأن محلها الرفع على الفاعلية، والفاعل والمبتدأ سيان من حيث إن كل واحد منهما مخبر عنه، غير أن خبر الفاعل مقدم عليه، وخبر المبتدأ مؤخر عنه، فلما كان كذلك ساغ لك العطف على محل (أنَّ) ومعمولها هنا، كما يجوز لك في المكسورة لما ذكرت، بخلاف قولك: علمت أن زيدًا منطلق وعمرو، فاعرفه فإنه موضع، وما علمت أن أحدًا نبه عليه فيما اطلعت عليه، مع تجويزهم العطف على المحل هنا، ويدل على صحة العطف على المحل وأن الواو ليست بواو الحال قراءة من قرأ: (والبحرَ) بالنصب، وهو أبو عمرو وغيره (١)، لأنه عطف على (ما) لا محالة، فاعرفه فإنه قول أبي الفتح - رحمه الله - (٢). قلت: ولا يمتنع أن يكون منصوبًا بإضمار فعل يفسره هذا الظاهر وهو ﴿يَمُدُّهُ﴾.
والثاني: مبتدأ وما بعده خبره، والجملة في موضع الحال على معنى: ولو أن الأشجار أقلام في حال كون البحر ممدودًا بسبعة أبحر. فإن قلت: فإن كان الأمر على ما زعمت أن الجملة في موضع الحال، [فأين الراجع منها إلى ذي الحال؟ ] قلت: ليس من شرط الجملة إذا كانت حالًا أن يكون فيها ذكر راجع إلى ذي الحال، بل يجوز أن تقول: أتيتك وزيد قائم، ولقيتك والجيش قادم، لأن الحال مفعول فيها فلا تحتاج الجملة إلى شيء من الدلالة على أنها مفعول فيها، وقد دلت الواو على ذلك، وكفاك دليلًا قول أمرئ القيس:
٥١٤ - وقد أغتدي والطير في وكناتها | ............ (٣) |
(٢) المحتسب ٢/ ١٦٩.
(٣) تقدم ذكره والإشارة إلى تخريجه قبل قليل.