الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥) ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (٩)}:
قوله عز وجل: ﴿أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ (مما تعدون) في موضع النصب على النعت لألف، أو الجر على الصفة لسنة.
وقوله: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ محل (الذي) إما الرفع على إضمار هو، أو على أنه خبر بعد خبر، وإما النصب على إضمار أعني.
وقرئ: (خَلْقَهُ) بإسكان اللام (١)، ونصبه يحتمل أوجهًا.
أن يكون مفعولًا به أول و ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾ ثانيًا لأحسن، على تضمين و ﴿أَحْسَنَ﴾ معنى ألهم وعلم، والخلق على هذا بمعنى الخليقة، يقال: هم خليقة الله، وهم خلق الله، وهو في الأصل مصدر، أي: ألهم خلقه كل شيء.
وأن يكون مصدرًا دل عليه ﴿أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾، لأن ذلك يدل على خَلَقَ، كأنه قيل: خلق كل شيء خلقًا.
وأن يكون بدلًا من ﴿كُلَّ﴾، وهو بدل الاشتمال، أي: أحسن خلق كل شيء على ما اقتضته الحكمة وأوجبته المصلحة.
وأن يكون منصوبًا على إسقاط الجار وهو (في)، أي: أحسن كل شيء في خلقه، يعضده ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن المعنى: أحسن في خلقه،